ماذا يحب الله ورسوله-يحب النبي صلى الله عليه وسلم مكة (فتنة القرامطة)

ماذا يحب الله ورسوله-يحب النبي صلى الله عليه وسلم مكة (فتنة القرامطة)
180 0

الوصف

                                                   يحب النبي صلى الله عليه وسلم مكة
                                                             فتنة القرامطة

القرامطة:

في حج عام سبع عشرة وثلاث مائة توافد الحجاج إلى مكة من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرامطة قد خرجوا عليهم يوم التروية، فانتهبوا أموالهم واستباحوا قتالهم، فقتلوا في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا، وجلس أميرهم وأبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام وفي الشهر الحرام وفي يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف.

فلما قضى القرمطي امره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر من تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثير منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام. وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلًا أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات، فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم. وكان ذلك في زمن الخليفة المقتدر بالله.

ولما رجع القرمطي إلى بلاده ومعه الحجر الأسود وتبعه أمير مكة هو وأهل بيته وجنده وسأله وتشفع إليه أن يرد الحجر الأسود ليوضع في مكانه، وبذل له جميع ما عنده من الأموال فلم يلتفت إليه، فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، وأهل مكة وجنده، واستمر ذاهبًا إلى بلاده ومعه الحجر وأموال الحجيج. وقد ألحد هذا اللعين في المسجد الحرام إلحادًا لم يسبقه إليه أحد ولا يلحقه فيه، وسيجازيه على ذلك الذي لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد.

وفي شهر ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، وبعد ثنتين وعشرين سنة رد الحجر الأسود إلى مكانه في البيت؛ ففرح المسلمون لذلك فرحًا شديدًا.