ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم الاكتواء)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم الاكتواء)
158 0

الوصف

                                                    ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور

                                                      لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم الاكتواء

لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم الاكتواء

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة من نار، وما أحب أن أكتوي»

الاكتواء هو الكي بالنار لأجل العلاج، وكانت العرب تقول في أمثالها: آخر الدواء الكي. والعلاج بالكي يأتي في آخر الأمر بعد استنفاد جميع طرق العلاج دون حصول الشفاء، ولا يستخدم الكي إلا بعد التيقن من أن العلاج به سيكون ناجعًا وأن الداء مزمن ولن يشفى إلا به. ولا يستخدم الكي لأجل التجربة إن كان يفيد أم لا.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحب الكي بالنار بل ونهى أمته عنه بقوله:

«وأنهى أمتي عن الكي»

قال ابن حجر: وإنما كرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم.. ونهى عنه مع إثباته الشفاء فيه إما لكونهم كانوا يرون أنه يحسم المادة بطبعه فكرهه لذلك؛ ولذلك كانوا يبادرون إليه قبل حصول الداء لظنهم أنه يحسم الداء فيتعجل الذي يكتوي التعذيب بالنار لأمر مظنون، وقد لا يتفق أن يقع له ذلك المرض الذي يقطعه الكي.

ويؤخذ من الجمع بين كراهته صلى الله عليه وسلم للكي وبين استعماله له أنه لا يترك مطلقًا ولا يستعمل مطلقًا، بل يستعمل عند تعينه طريقًا إلى الشفاء مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى.. وأما قوله

«وما أحب أن أكتوي»

فهو من جنس تركه أكل الضب مع تقريره أكله على مائدته واعتذاره بأنه يعافه. وقال النووي: وقوله صلى الله عليه وسلم

«ما أحب أن أكتوي»

إشارة إلى تأخير العلاج بالكي حتى يضطر إليه لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي.

وقال ابن قتيبة: الكي نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع، والثاني كي الجرح إذا نغل أي فسد، والعضو إذا قطع، فهو الذي يشرع التداوي به، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى لما فيه من تعجيل العذاب بالنار لأمر غير محقق.

وقال أبو محمد بن أبي جمرة: علم من مجموع كلامه في الكي أن فيه نفعًا وأن فيه مضرة، فلما نهى عنه علم أن جانب المضرة فيه أغلب، وقريب منه إخبار الله تعالى أن في الخمر منافع ثم حرمها؛ لأن المضار التي فيها أعظم من المنافع.

فعن عمران بن حصين، قال:

«نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحن ولا أنجحن»

قال أبو داود: وكان يسمع تسليم الملائكة فلما اكتوى انقطع عنه فلما ترك رجع إليه. وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من بين صفات السبعين ألفًا من أمته الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم لا يكتوون. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«عرضت علي الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن أنظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفًا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون».