ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثير شرًّا)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثير شرًّا)
183 0

الوصف

                                                  ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور

                                                  يكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثير شرًّا

يكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثير شرًّا

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا. فقال:

«يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا. قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان، قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه، فقال: هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رءوس الشياطين قال فاستخرج. قالت فقلت: أفلا؟ -أي تنشرت- فقال: أما الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًّا وفي رواية أخرى قالت عائشة: أفلا أحرقته؟ قال: لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًّا فأمرت بها فدفنت»

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يثير على أحد من الناس شرًّا حتى ولو أدى ذلك إلى ترك مصلحة وذلك خوفًا من حدوث مفسدة أعظم منها وهذا من أهم قواعد الإسلام.

وبالرغم من أنه صلى الله عليه وسلم قد سحر فلم ينتقم لنفسه فيأمر بقتل لبيد الذي سحره مع تمكنه وقدرته على ذلك، وهذا من كرمه ونبله وأخلاقه العظيمة التي مدحه الله عليها فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قالت: عائشة رضي الله عنها:

«ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنْتَهَك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل»

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ينتقم لنفسه إذا آذاه أحد من الناس بقول أو فعل ولكن إذا أضيف إلى ذلك انتهاك لمحارم الله بارتكاب ما حرمه الله تعالى انتقم صلى الله عليه وسلم وانتصر لله تعالى ممن ارتكب ذلك كما أمر بقتل بعض الرجال ممن كان يؤذيه؛ لأنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله.

أما فيما عدا ذلك فإن حياة النبي صلى الله عليه وسلم حافلة بالعفو عمن ظلمه وآذاه كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه، وعن الآخر الذي جبذ برداءه النبي صلى الله عليه وسلم جبذة شديدة حتى أثر في كتفه صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك التفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وضحك وأمر له بعطاء، وعن الذي آذاه بكلام لا يقال في حق رجل عادي إذا كان عادلًا فكيف في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعدل الناس؟ فقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمًا، فقال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

«فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر».

بل لقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذين حاربوه وأخرجوه من أحب الأرض إليه وهي مكة؛ فعفا عن أهلها يوم فتح مكة مع أنه كان متمكنًا وقادرًا على الانتقام ولكنه لم يفعل، فهو صلى الله عليه وسلم يكره أن يثير على أحد من الناس شرًّا.

وفي فعل الرسول صلى الله عليه وسلم تعليم لأمته سواء أكانوا من عامة الناس أم من أصحاب السلطان ألا ينتقموا لأنفسهم ممن آذاهم بالكلام، أو الأفعال بل يعفوا عن ذلك ولا يكون غضبهم وانتقامهم إلا إذا انتهكت محارم الله فينتصرون لله ممن ارتكب ما حرمه الله تعالى.