ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة)
173 0

الوصف

                                                    ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور

                                                     يكره النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة

يكره النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

«كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة».

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا عدوى، ولا طيرة، وأحب الفأل الصالح».

الطيرة:

التطير هو التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكان المشركون يتطيرون بالسوانح، والبوارح فينفرون الظباء والطيور؛ فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاؤموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم؛ فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر؛ فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

«لا طيرة».

بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الطيرة شرك»

أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذ عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك؛ لأنهم جعلوا لها أثرًا في الفعل والإيجاد. ومن اعتقد أن شيئًا سوى الله ينفع أو يضر بالاستقلال فقد أشرك شركًا جليًّا. قال القاضي: إنما سماها شركًا؛ لأنهم كانوا يرون ما يتشاءمون به سببا مؤثرًا في حصول المكروه، وملاحظة الأسباب في الجملة شرك خفي فكيف إذا انضم إليها جهالة وسوء اعتقاد؟.

والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء. قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: الفرق بين الطيرة والتطير أن التطير هو الظن السيء الذي في القلب، والطيرة هو الفعل المرتب على الظن السيئ.

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الطيرة؛ لأنه كان يحب الفأل الحسن والاسم الحسن، وعن ابن عباس قال:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ويعجبه الاسم الحسن»

وعن بريدة:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به، ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه، رئي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها: فإن أعجبه اسمها فرح بها، ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها، رئي كراهية ذلك في وجهه»

أي رئي كراهية الاسم المكروه في وجهه لا تشاؤمًا وتطيرًا بالاسم بل لانتفاء التفاؤل.

قيل: الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله، والطيرة لا تكون إلا في السوء؛ فلذلك كرهت. وقال الطيبي: معنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة هو أن الشخص لو رأى شيئًا فظنه حسنًا محرضًا على طلب حاجته فليفعل ذلك. وإن رآه بضد ذلك فلا يقبله بل يمضي لسبيله. فلو قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم.

والطيرة لا تمنع مسلمًا عن المضي في حاجته، فإن ذلك ليس من شأن المسلم، بل شأنه أن يتوكل على الله تعالى في جميع أموره ويمضي في سبيله، وقد عوض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند إرادتهم السفر أو غير ذلك من الأعمال بدعاء الاستخارة عما كان عليه أهل الجاهلية من التطير وزجر الطير والاستقسام بالأزلام؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يقول:

«إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته»

فَعُوِّضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأُمَّتُه بهذا الدعاء الذي هو التوحيد وافتقار، وعبودية وتوكل، وسؤال لمن بيده الخير كله، الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يصرف السيئات إلا هو، الذي فتح لعبده رحمة لم يستطع أحد حبسها عنه، وإذا أمسكها لم يستطع أحد إرسالها إليه من التطير والتنجيم. واختيار الطالع ونحوه. فهذا الدعاء هو الطالع الميمون السعيد، طالع أهل السعادة والتوفيق، الذين سبقت لهم من الله الحسنى، لا طالع أهل الشرك والشقاء والخذلان، الذين يجعلون مع الله إلهًا آخر، فسوف يعلمون.

تضمن هذا الدعاء الإقرار بوجوده سبحانه، والإقرار بصفات كماله من كمال العلم والقدرة والإرادة، والإقرار بربوبيته، وتفويض الأمر إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، والخروج من عهدة نفسه، والتبري من الحول والقوة إلا به، واعتراف العبد بعجزه عن علمه بمصلحة نفسه وقدرته عليها، وإرادته لها، وأن ذلك كله بيد وليه وفاطره وإلهه الحق.

والمقصود أن الاستخارة توكل على الله وتفويض إليه، واستقسام بقدرته وعلمه، وحسن اختياره لعبده، وهي من لوازم الرضى به ربًّا، الذي لا يذوق طعم الإيمان من لم يكن كذلك، وإن رضي بالمقدور بعدها، فذلك علامة سعادته.