ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الإضراب عن الحجر الأسود)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الإضراب عن الحجر الأسود)

الوصف

                                                    ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور

                                                  يكره النبي صلى الله عليه وسلم الإضراب عن الحجر الأسود

يكره النبي صلى الله عليه وسلم الإضراب عن الحجر الأسود

عن عائشة قالت:

«طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة على بعيره يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه الناس»

الحجر الأسود:

لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحجر الأسود من الجنة، وقال صلى الله عليه وسلم:

«نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فَسَوَّدَتْه خطايا بني آدم»

وقال عليه الصلاة والسلام:

«إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله تعالى نورهما، ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب».

 وأخبر صلى الله عليه وسلم:

«إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق».

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يصرف الناس عن الحجر الأسود فلا يستلموه في طوافهم فسن صلى الله عليه وسلم لأمته استلامه وتقبيله أو تقبيل الشيء الذي يستلم به سواء كان يدًا أم عصًا أم غير ذلك؛ فعن أبي الطفيل قال:

«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن»

والمحجن هو عصا محنية الرأس، والاستلام أي التحية، والمعنى أنه يومئ بعضاه إلى الركن حتى يصيبه. وقال الجمهور: السنة أن يستلم الركن ويقبل يده، والاستلام المسح باليد عليه، وهذا إذا عجز عن تقبيل الحجر وإلا فالقادر يقبل الحجر ولا يقتصر في اليد على الاستلام بها. فإن لم يستطع أن يستلمه بيده استلمه بشيء في يده وقبل ذلك الشيء، فإن لم يستطع أشار إليه واكتفى بذلك. وقد

«طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر».

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سن استلام الحجر الأسود فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقتدون به؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

«أنه جاء إلى الحجر الأسود فَقَبَّلَهُ فقال: إني أعلم إنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقُبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ»

وقد قبل عمر الحجر والتزمه وقال:

«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيًّا»

يعني مهتمًّا وَمُعْتَنِيًا. وفي فعل عمر وقوله تسليم للشارع في أمور الدين وحسن اتباع له فيما له يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه.

قال الطبري: إنما قال ذلك عمر؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد عمر أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لأن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان، وقال المهلب: إنما شرع تقبيله اختيارًا ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع، وذلك شبيه بقصة إبليس حيث أمر بالسجود لآدم.

وقد

«سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله، قال: قلت: أرأيت إن زحمت، أرأيت إن غلبت؟ قال: اجعل أرأيت باليمن، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله».

 وإنما قال له ذلك؛ لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي فأنكر عليه ذلك وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي. والمستحب في التقبيل ألا يرفع به صوته.

ولم تقتصر سنة النبي صلى الله عليه وسلم على استلام الحجر الأسود فحسب بل سن صلى الله عليه وسلم استلام الركن اليماني وهو الركن الثاني لجدار الكعبة الجنوبي؛ فعن عبد الله بن عمر قال:

«لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين»

ولهذا يقول:

«ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما»

فالركن الأول وهو الركن الأسود له فضيلتان؛ الأولى: كون الحجر الأسود فيه وهو الذي جعل مبدأ للطواف ومنتهى له، والثانية: كونه على قواعد إبراهيم، والركن الثاني وهو الركن اليماني فيه فضيلة واحدة وهي كونه على قواعد إبراهيم. أما الركنان الآخران فيقال لهما الشاميان وهما لجدار الكعبة الشمالي فهما ليسا على قواعد إبراهيم؛ ولذلك لا يستلمان. وليس على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه، وتحط الخطايا والأوزار فيه غير الحجر الأسود، والركن اليماني.