ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاف في القرآن)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاف في القرآن)

الوصف

                                                    ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور

                                                   يكره النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاف في القرآن

يكره النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاف في القرآن

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلا قرأ آية وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية وقال:

«كلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا».

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الاختلاف في القرآن، بل كان يكره الاختلاف في أي آية من آياته، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف»

أي على سبعة أوجه أو قراءات يجوز أن يقرأ بكل واحدة منها، وكل من يقرأ بواحدة من هذه القراءات السبع فهو محسن لا يجوز الإنكار أو التشنيع عليه.

وقد يحفظ المسلم قراءة من هذه القراءات ولا يعرف غيرها فيسمع من إنسان آخر قراءة أخرى فيستنكر عليه ويظن به السوء وقد يؤدي بهما النقاش والجدال إلى الاختلاف في القرآن وهو ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وكره أن يقع بين المسلمين، وقد وقع مثل ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قصة ابن مسعود، وفي قصة أخرى قال عبد الله بن عمرو: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال:

«إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب»

وحدث مثل ذلك مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:

«سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله، اقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت. ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه».

فقد حفظ عمر هذه السورة من النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا ثم لم يسمع ما نزل فيها بأحرف أخرى، أما هشام فكان النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه على ما نزل أخيرًا، فلما سمع عمر هشامًا خشي ألا يكون أتقن القراءة؛ لأن هشامًا كان قريب العهد بالإسلام فكان ما جرى بينهما.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بقراءة القرآن ما اجتمعت عليهم قلوبهم، فإذا اختلفوا في فهم معانيه فليتفرقوا لئلا يتمادى بهم الاختلاف إلى الشر، قال صلى الله عليه وسلم:

«اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه»

قال ابن حجر: قيل: يحتمل أن يكون المعنى اقرءوا والزموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف أو عرضت عارض شبهة يقتضي المنازعة الداعية إلى الافتراق فاتركوا القراءة، وتمسكوا بالمحكم الموجب للألفة وأعرضوا عن المتشابه المؤدي إلى الفرقة، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم

«إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم»

ويحتمل أنه ينهى عن القراءة إذا وقع الاختلاف في كيفية الأداء بأن يتفرقوا عند الاختلاف ويستمر كل منهم على قراءته، كما تقدم عن ابن مسعود لما وقع بينه وبين الصحابي الاختلاف في الأداء، فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما:

«كلاكما محسن».

 وهكذا حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجماعة والألفة، وحذر من الفرقة والاختلاف في القرآن، ونهى عن المراء في القرآن بغير حق، ومن شر ذلك أن تظهر دلالة الآية على شيء يخالف الرأي فيتوسل بالنظر وتدقيقه إلى تأويلها وحملها على ذلك الرأي ويقع اللجاج في ذلك والمناضلة عليه.

وقال النووي: الأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن محمول عند العلماء على اختلاف لا يجوز أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز كاختلاف في نفس القرآن أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد أو اختلاف يوقع في شك أو شبهة أو فتنة وخصومة أو شجار ونحو ذلك، وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق واختلافهم في ذلك فليس منهيًا عنه بل هو مأمور به وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة إلى الآن والله أعلم.