ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي من عامة الناس (أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحسنهم أخلاقًا)

ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي من عامة الناس (أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحسنهم أخلاقًا)
191 0

الوصف

                                                    من يحبه النبي من عامة الناس

                                                  أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحسنهم أخلاقًا

أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحسنهم أخلاقًا

عن عبد الله بن عمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، وقال:

«إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقًا».

 وقال صلى الله عليه وسلم:

«إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا».

إن أصحاب الأخلاق الحسنة من أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف لا يكونون كذلك إليه وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنهم أحب العباد إلى الله تعالى:

«أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا».

حسن الخلق:

الْخَلْقُ وَاْلْخُلُق عبارتان مستعملتان معًا، يقال: فلان حسن الخلق والخلق، أي حسن الباطن والظاهر، فيراد بالخَلْق الصورة الظاهرة، ويراد بالخُلُق الصورةالباطنة. وذلك لأن الإنسان مركب من جسد مُدْرَك بالبصر، ومن روح ونفس مُدْرَك بالبصيرة. ولكل واحد منهما هيئة وصورة إما قبيحة وإما جميلة، فالخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلًا وشرعًا سميت تلك الهيئة خلقًا حسنًا. ولا يوصف الإنسان بخلق حسن ما حتى يثبت ذلك في نفسه ثبوت رسوخ، وتصدر منه الأفعال بسهولة من غير روية، أما من تكلف عمل ما بجهد وروية فلا يقال إن هذا خلقه.

ومثال على ذلك الذي يتكلف بذلك المال لحاجة عارضة أو يسكت عند الغضب بجهد وروية خلقه السخاء والحلم.

إن الخلقة الظاهرة لا يمكن تغييرها في حين الأخلاق على العكس من ذلك حيث تقبل التغيير؛ ولهذا وجد الدين والدعوة إلى مكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجدت الوصايا والمواعظ والتأديبات، وقد قال الله تعالى: (اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فتغيير ما بالنفس من الأخلاق السيئة إلى الأخلاق الحسنة واكتساب أخلاق حسنة جديدة ممكن بالمجاهدة ورياضة النفس، وحمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق الحسن المطلوب؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ليرشده إلى أحسن الأخلاق ويوفقه للتخلق بها:

«اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت».

 وكان صلى الله عليه وسلم يوصي:

«وخالق الناس بخلق حسن».

والأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره، وهي محمودة ومذمومة، فالمحمودة على الإجمال أن تكون مع غيرك على نفسك فتتصف منها ولا تتصف لها، وعلى التفصيل العفو والحلم والجود والصبر وتحمل الأذى والرحمة والشفقة وقضاء الحوائج والتوادد ولين الجانب ونحو ذلك، والمذموم منها ضد ذلك... والخلق جبلة في نوع الإنسان، وهم في ذلك متفاوتون، فمن غلب عليه شيء منها إن كان محمودًا وإلا فهو مأمور بالمجاهدة فيه حتى يصير محمودًا، وكذا إن كان ضعيفًا فيرتاض صاحبه حتى يقوى.

إن لحسن الخلق ثمرات وهي علامات تدل عليه، فقد قيل: حسن الخلق بسط الوجه وبذل الندى وكف الأذى واحتمال المؤن، وقيل: هو ألا يخاصم ولا يخاصم من شدة معرفته بالله، وقيل: هو أن يكون من الناس قريبًا وفيما بينهم غريبًا. وقيل: هو إرضاء الخلق في السراء والضراء. وقيل: هو الرضا عن الله تعالى. وقيل: أدناه الاحتمال وترك المكافأة والرحمة للظالم والاستغفار له والشفقة عليه. وقيل: ألا يتهم الحق في الرزق ويثق به ويسكن إلى الوفاء بما ضمن فيطيعه ولا يعصيه في جميع الأمور فيما بينه وبينه، وفيما بينه وبين الناس. وقيل: حسن الخلق في ثلاث خصال: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسعة على العيال. وقيل: هو ألا يؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعتك للحق. وقيل: هو ألا يكون لك هم غير الله تعالى.

وجمع بعضهم علامات حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، قليل الفضول، برًّا وصولًا وقورًا صبورًا شكورًا رضيًّا حليمًا رفيقًا عفيفًا شفيقًا، لا لَعّانًا ولا سَبَّابًا ولا نَمَّامًا ولا مغتابًا ولا عجولًا ولا حقودًا ولا بخيلًا ولا حسودًا، بشاشًا هشاشًا، يحب في الله، ويبغض في الله، ويرضى في الله، ويغضب في الله.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة».

 وقال عليه الصلاة والسلام:

«إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم».

 وإنما أعطي صاحب الخلق الحسن هذا الفضل العظيم؛ لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسًا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم في الليل في الطاعة فاستويا في الدرجة بل ربما زاد.