ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب النبي صلى ا لله عليه وسلم من العبادات (أحب الدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم أدومه)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب النبي صلى ا لله عليه وسلم من العبادات (أحب الدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم أدومه)

الوصف

                                                     ما يحب النبي صلى ا لله عليه وسلم من العبادات 

                                                      أحب الدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم أدومه

أحب الدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم أدومه

عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال:

«من هذه؟ قالت: فلانة –تذكر من صلاتها- قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا»

وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه. والمراد بالدين: العمل.

العمل الدائم:

إن العمل الدائم أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: لأنه أحب إلى الله تعالى كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم:

«أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل»

وقد سئلت عائشة رضي الله عنها:

«أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: الدائم».

 وقالت:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملًا أثبته»

وقالت:

«كان عمله دِيمةً».

إن المداومة على عمل من أعمال البر ولو كان مفضولًا أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عمل يكون أعظم أجرًا لكن ليس فيه مداومة. والحكمة في ذلك أن المديم للعمل يلازم الخدمة فيكثر التردد إلى باب الطاعة كل وقت ليجازي بالبر لكثرة تردده، فليس هو كمن لازم الخدمة مثلًا ثم انقطع. وأيضًا فالعامل إذا ترك العمل صار كالمعرض بعد الوصل فيتعرض للذم والجفاء، ومن ثم ورد الوعيد في حق من حفظ القرآن ثم نسيه. والمراد بالعمل هنا الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات.

لقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى أن جهاد النفس بالأعمال الصالحة إلى حد المغالبة غير مطلوب؛ لأن الدين يسر كما قال صلى الله عليه وسلم:

«إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدورة والروحة وشيء من الدلجة»

أي دين الإسلام ذو يسر، أو سمى الدين يسرًا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم. ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم؛ والمشادة المغالبة، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب. قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكملفي العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال. أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة.

ثم وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نداءًا للمسلمين بأن يشتغلوا من الأعمال بما يستطيعون المداومة عليه، والاقتصار على ما يطاق من العبادة وعدم تكلف ما لا يطاق؛ فقال صلى الله عليه وسلم:

«يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُوِومَ عليه وإن قَلَّ»

أي عليكم من الأعمال ما تطيقون الدوام عليه بلا ضرر، وفيه دليل على الحث على الاقتصاد في العبادة واجتناب التعمق، وليس الحديث مختصًا بالصلاة بل هو عام في جميع أعمال البر. وفي هذا الحديث كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته؛ لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر فتكون النفس أنشط القلب منشرحًا فتتم العبادة بخلاف مَنْ تعاطى من الأعمال ما يشق فإنه بصدد أن يتركه أو بعضه أو يفعله بكلفة وبغير انشراح القلب فيفوته خير عظيم، وقد ذم الله –سبحانه وتعالى- من اعتاد عبادة ثم أفرط.

وقوله صلى الله عليه وسلم:

«وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووِمَ عليه وإن قَلَّ»

فيه الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع؛ لأن ردوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنبية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة.