ماذا يحب الله ورسوله-من يبغضهم الله (يبغض الله الغني الظلوم)
الوصف
من يبغضهم الله
يبغض الله الغني الظلوم
يبغض الله الغني الظلوم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم".
الغني الظلوم:
الغني الظلوم هو الذي أنعم الله عليه بالمال الكثير وجعله غنيًا فأبى إلا الظلم.
فهو يظلم نفسه بامتناعه عن دفع الزكاة المتوجبة للفقراء عاصيًا أمر الله تعالى بأداء الزكاة، وذلك بخلًا وشحًا وطمعًا، ففي مثله يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) . فهذا الذي يجمع الأموال ويكنزوها ولا يؤدي زكاتها يُعذب بها، وهذا في غاية العدل، فإن من أحب شيئًا وقدمه على طاعة الله عذب به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار"،
وقال صلى الله عليه وسلم:
"هم الأخسرون ورب الكعبة" فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي مَن هم؟ قال: "هم الأكثرون أموالًا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا (من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أُخراها عادت عليه أُولاها حتى يُقضى بين الناس".
وفي الوقت الذي يمتنع فيه عن الزكاة تراه يلهث في الليل والنهار في جمع المال وتكديسه وكنزه في البيوت والمصارف، ولا يهمه إن أتى من طرق حلال أم حرام، ولا يتردد في التعامل بالربا لمزيد من تكديس الأموال وكنزها، فلا يشعر أبدًا بالاكتفاء، ولا يقتنع أبدًا بما لديه من الأموال الكثيرة، بل كلما جمع مالًا طمع في غيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب"،
وكلما كبر في السن ازداد حبه للمال كما قال صلى الله عليه وسلم:
"يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان: حب المال، وطول العمر".
وهو يظلم الناس بمطله؛ فإذا استقرض مالًا من أحد واستحق عليه أداؤه ماطله الأيام تلو الأيام فلا يؤدي ما عليه من دَين إلا بعد جهد جهيد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"مطل الغني ظلم"،
وأصل المطل المد، وقيل: المطل المدافعه، والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر.
وهو يظلم موظفيه أو خدمه أو من يعملون له بعض الأعمال بتأخيره إعطاء أجورهم فلا يدفعها لهم عند استحقاقها، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"أعطوا الأجير أجره، قبل أن يجف عرقه"،
هذا إذا لم يأكل حقوقهم فلا يدفع لهم أي شيء، فمثل هذا الرجل سيكون الله خصمه يوم القيامة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
وهو يظلم نفسه بتكبره وترفعه عن مخاطبة الفقراء أو حتى السلام عليهم، فإذا هم بدءوه السلام لم يرد عليهم أو خرج الرد منه همسًا لا يُسمع منه سوى حرف أو حرفان، وهو يحتقرهم وبتعالى عليهم حتى أنه يمتنع عن حضور صلاة الجماعة معللًا بأنه سيقف عن يمينه وشماله عمال من هنا وهناك من البلدان الفقيرة، وما علم (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وهم يظلم نفسه وأقاربه بقطيعة الرحم فيقطع ما أمر الله به أن يوصل، فلا يصل قرابته؛ لأنه يرى أنهم فقراء وليسوا بمستواه الاجتماعي والمالي، وإن قاموا هم بوصله يظن بهم السوء ويعتقد أنهم يطمعون في ماله وإلا لما زاروه أو سألوا عنه، فلا يكفيه أن الله يبغضه لأنه غني ظلوم فيضيف إلى أعماله البغيضة عملًا بغيضًا آخر بل أبغض الأعمال إلى الله بعد الشرك به وهو قطيعة الرحم؛ حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله، ثم قطيعة الرحم".
وهو يظلم نفسه بارتكابه المعاصي بأمواله التي رزقه الله إياها؛ فبدلًا من أن يكون شاكرًا لله على ما أنهم الله عليه من النعم الكثيرة فيطيع الله فيما أمر به من الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعطف على الفقراء ويتصدق عليهم، فيكون بذلك شاكرًا لله فيزيده الله من فضله كما قال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) ؛ تجده يستخدم هذه الأموال في ارتكاب المعاصي المختلفة، وربما سافر إلى بلدان لكفر لارتكاب الزنا وشرب الخمر وغير ذلك من الفواحش والآثام التي حرمها الله تعالى؛ فهو لا يعمل بالنصف الأول من الآية السابقة فيشكر الله حتى يزيده، بل يعمل بالنصف الصاني من الآية نفسها (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) حتى يعذبه الله العذاب الشديد إما في الآخرة وإما في الدنيا والآخرة جميعًا.