ماذا يحب الله ورسوله-من يبغضهم الله (يبغض الله أربعة رجال)
الوصف
من يبغضهم الله
يبغض الله أربعة رجال
يبغض الله أربعة رجال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أربعة يبغضهم الله تعالى: البياع الحلَّاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر".
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر".
البياع الحلاف:
تقدم الكلام عليه؛ وفيه أنه التاجر الذي يُكثر من الحلف أثناء البيع. وإنما أبغضه الله تعالى؛ لأنه انتهك ما عظَّم الله من أسمائه وجعله سببًا وحيلة لدرك ما حقره من الدنيا لعظمها في قلبه، فبغضه ومقته؛ هذا في الحلف الصادق فما بالك بالكاذب؟
الفقير المختال:
تقدم الكلام عليه؛ وفيه أنه الذي لا مال له ومع ذلك يتكبر. وإنما أبغضه الله – عزَّ وجلَّ -؛ لأنه تعالى قد زوى عنه أسباب الكبر بحمايته له عن الدنيا فأبى لؤم طبعه إلا التكبر ولم يشكر نعمة الفقر.
الشيخ الزاني:
الشيخ الزاني هو الرجل الكبير السن العجوز الذي ضعفت قدرته الجنسية وضعفت شهوته إليها ومع ذلك يسعى إلى ارتكاب فاحشة الزنا!؛ فهذا قد التزم هذه المعصية مع بُعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده، وإن كان لا يعذر أحد بذنب، لكن لما لمم يكن إلى خذخ المعصية ضرورة مزعجة ولا دواعي متعادة أشبه إقدامه عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى، وقصد معصيته لا لحاجة غيرها، فإن الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مرَّ عليه من الزمان، وضعف أسباب الجماع والشهوة للناسء واختلال دواعيه لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا ويخلي سره منه فكيف بالزنا الحرام؟! وإنما دواعي ذلك الشباب والحرارة الغريزة وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل وصغر السن. ولكن أبى سوء طبعه إلا التهافت في معصية ربه.
الإمام الجائر:
الإمام الجائر هو الذي أنعم الله تعالى عليه بالإمارة أو الرياسة أو القيادة أو المنصب أو المسؤولية ونحو ذلك فأبى شؤم شح طبعه إلا الجور وكفر النعمة. فالإمام راع ومسؤول عن رعيته و يجب عليه حياطة الشريعة بإقامة الحدود والعدل في الحكم، وأن يكون محافظًا مؤتمنًا ملتزمًا صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، وكل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.
فالراعي ليس مطلوبًا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي ألا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه. وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على من يتولى أمرًا من أمور المسلمين ثم يشق عليهم ويجور، فقال صلى الله عليه وسلم:
"اللهم مَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُق عليه، ومَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به".
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة".
ويحصل ذلك بظلمه لهم بأخذ أموالهم أو سفك دمائهم أو انتهاك أعراضهم وحبس حقوقهم وترك تعريفهم ما يجب عليهم في أمر دينهم ودنياهم، وبإهمال إقامة الحدود فيهم وردع المفسدين منهم وترك حمايتهم ونحو ذلك. فالله تعالى إنما ولاه على عباده ليديم لهم النصيحة لا ليغشهم حتى يموت على ذلك، فلما قلب القضية استحق أن يعاقب. ومعنى
"حرم الله عليك الجنة"
أي؛ أنفذ الله تعالى عليه الوعيد ولم يرض عنه المظلومين. وقال صلى الله عليه وسلم:
"ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة".
وهذا وعيد شديد على أئمة الجور؛ فمن ضيَّع من استرعاه الله تعالى أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد (يوم القيامة) فيكف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة؟!
قال القاضي عياض رحمه الله: معناه بيِّن في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئًا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم، فإذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح فيما قلده إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم وأخذهم به، وإما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذبِّ عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها، أو إهمال حدودهم، أو تضييع حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم ومجاهدة عدوهم، أو ترك سيرة العدل فيهم فقد غشهم، وقد نبَّه صلى الله عليه وسلم على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته".
وقد بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم بسوء عاقبة الذين يظلمون في حكمهم فقال صلى الله عليه وسلم:
"إن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشده عذابًا إمام جائر".