ماذا يحب الله ورسوله-من يبغضهم الله (يبغض الله ثلاثة رجال)
الوصف
من يبغضهم الله
يبغض الله ثلاثة رجال
يبغض الله ثلاثة رجال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ثلاثة يَشْنُؤهُمْ الله... التاجر الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنَّان".
يَشْنُؤهُم: يبغضهم، والمَشْنُوءُ: المُبْغَضُ.
التاجر الحلاف:
هو التاجر الذي يُكثر من الحلف أثناء البيع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف في البيع فقال صلى الله عليه وسلم:
"إياكم وكثر الحَلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق"،
وقال صلى الله عليه وسلم:
"الحَلِفُ مَنْفَقة للسلعة، مَمْحقة للبركة"،
فالحلف قد يبيع السلعة إلا أنه قد ينقص أو يمحو أو يبطل بركة الربح، إما بخسارة تلحقه في ماله بأن يسلط الله تعالى عليه وجوهًا يتلف فيها ماله: إما سرقة أو حرقًا أو غصبًا، أو ينفقها على العلاج من أمراض تصيبه أو تصيب أحدًا من أهله وأولاده، أو بإنفاقه في غير ما يعود نفعه إليه في العاجل أو ثوابه في الآجل، أو بقي عنده وحرم نفعه، أو ورثه من لا يحمده، أو غير ذلك مما شاء الله تعالى.
والمراد الحلف الصادق وهو مكروه من غير حاجة، فإن كان الحلف كذبًا فهو محرم وحال صاحبه سيئة جدًا في الآخرة، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، فهؤلاء يحلفون كذبًا ليكسبوا مبالغ زهيدة ودراهم معدودة؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المُسبل، والمنَّان، والمنفق سلعته بالحَلف الكاذب".
الفقير المختال:
هو الذي لا مال له ومع ذلك يتكبر، وقد التزم معصية الكبر مع بُعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده، وإن كان لا يعذر أحد بذنب، لكن لما لم يكن إلى هذه المعصية ضرورة مزعجة ولا دواعي متعادة أشبه إقدامه عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها، فهو قد عدم المال والثروة في الدنيا التي هي سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع على الناس لكونه ظاهرًا فيها وحاجات أهلها إليه، فإذا لم يكن عنده أسبابها فلماذا يستكبر ويحتقر غيره؟! فلم يبق فعله إلا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى، (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) .
البخيل المنَّان:
البخل هو أن يمنع الإنسان الحق الواجب عليه. وهو ضد الكرم والجود. قيل: أجود الناس في الدنيا من جاد بحقوق الله، وإن رآه الناس بخيلًا بما سوى ذلك، وإن أبخل الناس في الدنيا من بخل بحقوق الله، وإن رآه الناس كريمًا جوادًا بما سوى ذلك. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس. وأصل البخل حب المال؛ وحب المال يلهي عن ذكر الله – عزَّ وجلَّ -، ويصرف وجه القلب إلى الدنيا، ويُحكم علاقته فيها، حتى يثقل عليه الموت الذين فيه لقاء الله تعالى. والمن: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها؛ مثل أن يقول: قد أحسنت إليك وأعطيتك ونحو ذلك. وقيل: المن التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطَى فيؤذيه.
والبخيل المنَّان هو الذي يعطي الشيء فيمنّه بالقول أو الفعل، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ) ، الأذى: السب والتشكي، وهو أعم من المنِّ؛ لأن المنَّ جزء من الأذى. فالصدقة نفسها تبطل بما يتبعها من المنِّ والأذى، فما بقي ثواب الصدقة بخطيئة المنِّ والأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس، أو يقال: إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه.