ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم (يغضب الله على قاتل المؤمن)

ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم (يغضب الله على قاتل المؤمن)
275 0

الوصف

                                                    من غضب الله عليهم

                                                  يغضب الله على قاتل المؤمن

يغضب الله على قاتل المؤمن

قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) .

يهدد الله – تبارك وتعالى – تهديدًا شديدًا، ويتوعد وعيدًا أكيدًا لمن ارتكب هذه الجريمة الشنيعة، وهذا الذنب العظيم، الذي قرنه المولى جلَّ وعلا بالشرك بالله في أكثر من آية في كتابه العزيز، حيث يقول تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) ، وقال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) .

لقد حرَّم الله القتل، إلا إذا كان قصاصًا أو حدًّا من حدود الله. وأول ما يقضى يوم القيامة في الدماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة، في الدماء"،

وهذا فيه تغليظ أمر الدماء، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة. وهذا لعظم مفسدة سفكها، وكثير خطرها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم".

وقال صلى الله عليه وسلم:

"لو أنَّ أهلَ السَّماءِ وأهلَ الأرضِ اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهُم اللَّهُ في النَّارِ".

وذلك لأن القتل من أخطر الأشياء شرعًا، وأقبحها عقلًا؛ لأن الإنسان مجبول على محبة بقاء الصورة الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم.

المتعمد قتل المؤمن:
المتعمد قتل المؤمن هو كل مَن قتل نفسًا بحديدة كالسيف والخنجر ونحو ذلك من الآلات الحادة المشحوذة المعدة للقطع، أو بما يعلم أن فيه الموت من الحجارة الثقيلة ونحوها، والسم ونحوه، والعصا ونحوها، والمسدس ونحوه من الأسلحة النارية.

وهو المسلم الذي يقتل أخاه المؤمن وليس له ذلك بوجه من الوجوه، كما بيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة".

ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله، وإنما ذلك إلى الإمام أو نائبه.

وهو الذي يقتل المسلم لا لشيء سوى لأنه مسلم مؤمن يقول: ربي الله، كما قال الله تعالى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ، أي؛ ما فعلوا بهم ما فعلوا بسبب إلا من أجل أنهم آمنوا بالله، وما كان لهم ذنب إلا إيمانهم بالله العزيز الحميد. ويعاقب الله – عزَّ وجلَّ – هذا القاتل بأربعة أنواع من العقوبات: الخلود في جنهم، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا، كما قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل، فيقول: يا ربِّ هذا قتلني، فيقول الله له: لِمَ قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني؟ فيقول الله له: لِمَ قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيقول: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه".

وهو الذي يقتل نفسه بأي وسيلة من الوسائل، وقد نهى الله – عزَّ وجلَّ – عن ذلك: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) . أي؛ ومن يرتكب ما نهاه الله عنه عدوانًا وظلمًا (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) ؛ وهذا تهديد شديد من رب العالمين، ووعيد أكيد من مالك يوم الدين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا. ومن شرب سمًا فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا. ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا".

وقال عليه الصلاة والسلام:

"كان برجل جراح فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة".

ومن رحمة الله الواسعة أنه تعالى لم يغلق باب التوبة في وجه القاتل، بل باب التوبة مفتوح له ولغيره، حتى للكافر والمشرك. فالقاتل له توبة فيما بينه وبين الله – عزَّ وجلَّ -، فإن تاب وآمن، وعمل عملًا صالحًا بدَّل الله سيئاته حسنات، وعوَّض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته. قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) . وقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) . وهذا عام في جميع الذنوب من كفر وشرك وشك ونفاق وقتل وفسق وغير ذلك، كل من تاب تاب الله عليه، قال الله جلَّ وعلا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَّشَاءُ) . فهذه الآية عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأما من مات كافرًا فالنص أن الله لا يغفر له البتة.