ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم (يغضب الله على المرتد عن دينه)
الوصف
من غضب الله عليهم
يغضب الله على المرتد عن دينه
يغضب الله على المرتد عن دينه
قال الله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .
المرتد عن دينه:
المرتد عن دينه هو الذين آمن بالله ثم كفر وشرح بالكفر صدرًا، أي؛ أتى الكفر على اختيار واستحباب، واعتقده وطابت به نفسه، وآثره على الإيمان وباح به طائعًا.
وهو المرتد عن دينه الذي قال الله تعالى عنه: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
وهو المرتد عن دينه المبدل له الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه:
من بدَّل دينه فاقتلوه".
وهو المرتد عن دينه الذي يشرح بالكفر كتابًا، أو مقالة صحفية، أو برنامجًا تلفازيًا أو إذاعيًا؛ فيتهجم على الله ويستهزأ به، تعالى الله عما يقول علوًّا كبيرًا، أو يستهزأ بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ويصفه بصفاتٍ سيئةٍ، أو يتهجم على دين الإسلام.
لقد أخبر الله تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر وشرح صدره بالكفر واطمأن به، أنه قد غضب عليه لعلمه بالإيمان ثم عدوله عنه، وأن له عذابًا عظيمًا في الدار الآخرة؛ لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدم على ما أقدم عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلبه ويثبته على الدين الحق، فطبع على قلبه، فهو لا يعقل به شيئًا ينفعه، وختم على سمعه وبصره فلا ينتفع بها، فهو غافل عما يراد به؛ فلا بد ولا عجب أن من هذه صفته، أنه في الآخرة من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) .
وهدد الله – عزَّ وجلَّ – المؤمنين وتوعدهم أنهم إذا ارتدوا عن دينهم فسوف يستبدل قومًا غيرهم يحبهم ويحبونه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَّرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) . وقال تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) .
وحماية للمؤمنين من الارتداد عن دينهم فقد قطع المولى جلَّ وعلا الطرق الموصلة إلى ذلك؛ فحذَّرهم سبحانه من طاعة اليهود والنصارى الذين يعملون جاهدين لكي يردوهم بعد إيمانهم كافرين، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) . وقال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) . فلا أمان في صداقة أهل الكتاب؛ لأنهم يفتنوا مَن صادقهم عن دينه.
ونهاهم سبحانه أيضًا عن موالاة اليهود والنصارى واتخاذهم أولياء من دون المؤمنين، فقال جلَّ وعزَّ: (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) . ونفى سبحانه أن يكون لهؤلاء الكفار أي عزة؛ لأن العزة لله جميعًا، وقال تعالى منكرًا عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) .
نعم...! إن العزة كلها له وحده لا شريك له، ولمن جعلها له، كما قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) . وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) . والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله، والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين، الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
ونهى الله – تبارك وتعالى – المؤمنين عن الجلوس مع مثل هؤلاء الكفار المرتدين عن دينهم، إذا ما أخذوا يستهزئون بالدين، فقال عزَّ وجلَّ: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) ، أي؛ إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، ولم تقوموا عنهم في تلك الحال؛ فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، وصرتم مثلهم في المأثم؛ لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم، وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوه منها، فأنتم إذا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه.
وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) ، أي؛ كما أشركوهم في الكفر، كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدًا، ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين.