ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم (متابعة صفات المنافقين في القرآن)

ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم (متابعة صفات المنافقين في القرآن)
237 0

الوصف

                                                     من غضب الله عليهم

                                                 متابعة صفات المنافقين في القرآن

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنه: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا) . إذا نزلت بالمسلمين نازلة حينئذ يظهر النفاق ويتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم، أما المنافق فنجم نفاقه، والذي في قلبه شبهة تنفس بما يجده من الوسواس في نفسه، لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال. ويخبر الله تعالى عن هؤلاء الذين (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا) أنهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها، ثم سئلوا الفتنة وهي الدخول في الكفر لكفروا سريعًا، وهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع. وهذا ذم لهم في غاية الذم. ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم، بل ربما كان ذلك سببًا في تعجيل أخذهم غرة، وإذًا لا يُمَتَّعون إلا قليلًا بعد هربهم وفرارهم. فمن ذا الذي يمنعهم من الله إن أراد بهم سوءًا أو أراد بهم رحمة، وليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا) . يخبر الله تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم من شهود الحرب، وهم مع ذلك لا يأتون البأس إلا قليلًا، بخلا بالمودة والشفقة والغنائم على المؤمنين، فإذا جاء الخوف رأيتهم ينطرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت من شدة خوفه وجزعه؛ وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال. فإذا كان الأمن تكلموا كلامًا فصيحًا عاليًا، وادعوا لأنفسهم الشجاعة والنجدة، وهم يكذبون في ذلك.

وهم المنافقون الذين من صفاتهم الإرجاف، فيقولون: جاء الأعداء وجاءت الحروب! وهو كذب وافتراء. وهم الذين من صفاتهم البلادة وقلة الفهم، وإذا استمعوا إلى العلم لا يفهمون منه شيئًا، تهاونًا منهم بما يسمعون من العلم. وهم الذين من شأنهم الارتداد ومفارقة الإيمان والرجوع إلى الكفر، والذين يطيعون أهل الشرك والكفر ويمالؤونهم ويناصحونهم على الباطل، والله – عزَّ وجلَّ – يعلم ما يسرون وما يخفون فيما بينهم في مخالفة الإسلام، والتظاهر على عداوته، والقعود عن الجهاد في سبيل الله، وتوهين أمر الدين في السر، ولا يخفى عليه ذلك ولا غيره من الأمور كلها. وقد قال الله تعالى عنهم: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ) . أي؛ أيعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين؟ بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمه ذوو البصائر. وقد أنزل الله تعالى في ذلك سورة التوبة فبين فيها فضائحهم؛ ولهذا كانت تسمى الفاضحة، والأضغان هو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره. وليعرفنَّهم المسلمون فيما يبدون من كلامهم الدال عالى مقاصدهم، كما قيل: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عنهم: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) . يقول: الله – عزَّ وجلَّ – مخبرًا عن المنافقين، إنهم إنما يتفوهون بالإسلام ظاهرًا، فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك بل على الضد من ذلك، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أخبروا به؛ لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه؛ ولهذا كذَّبهم بالنسبة إلى اعتقادهم. إذا رأيت هؤلاء المنافقين تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم؛ لأنهم ذوو أشكال حسنة وذوي فصاحة وألسنة، وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم، وهم مع ذلك في غاية الضعف والخور والهلع والجزع، كما وقع أمر أو خوف، يعتقدون لجبنهم أنه نازل بهم، فهم أجسام وصور بلا معاني، وهم العدو فاحذرهم قاتلهم الله كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) . يخبر الله – عزَّ وجلَّ – عن المنافقين الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر؛ ولهذا قال: (لِّلْمُصَلِّينَ) الذين هم من أهل الصلاة ثم هم عنها ساهون. ثم قال الله – عزَّ وجلَّ – عنهم: (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) ، أي؛ لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى. وهم المنافقون الذين قال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم أنهم يتخلفون عن صلاة الجماعة في المسجد، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

"ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حين يُقام في الصف".

وهم المنافقون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم:

"ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء".

وهم المنافقون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم:

"مَن ترك ثلاث جمعات، من غير عذر، كُتِب من المنافقين".

وهم المنافقون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم:

"أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا. ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق. حتى يدعها: إذا حدَّث كذب. وإذا عاهد غدر. وإذا وعد أخلف. وإذا خاصم فجر"،

وقال صلى الله عليه وسلم:

"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"،

وقال عليه الصلاة والسلام:

"وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم".

فهذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، وقوله:

"كان منافقًا خالصًا"،

معناه شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) . يخبر الله تعالى عن مصير المنافقين يوم القيامة بأنهم في الدرك الأسفل من النار جزاءً على كفرهم الغليظ، ولن يجدوا لهم نصيرًا ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب.