ماذا يحب الله ورسوله- ما يحب الله من الأمور (يحب الله الحلم والأناة)

ماذا يحب الله ورسوله- ما يحب الله من الأمور (يحب الله الحلم والأناة)
186 0

الوصف

                                                     ما يحب الله من الأمور

                                                    يحب الله الحلم والأناة

يحب الله الحلم والأناة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة".

الحلم:
الحلم هو صحة العقل واستيلائه، وجودة النظر للعواقب، وانكسار قوة الغضب وخضوعها للعقل.. والحليم: الكثير الحلم، وهو الذي يصفح عن الذنوب ويصبر على الأذى. وقيل: الذي لم يعاقب أحدًا قط إلا في الله ولم ينتصر لأحد إلا لله. و(الحليم) اسم من أسماء الله الحسنى.

والحلم من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العرض وراحة الجسد واجتلاب الحمد.. وحدّ الحلم ضبط النفس عند هيجان الغضب، وهذا يكون عن باعث وسبب. وأسباب الحلم الباعثة على ضبط النفس عشرة:

أحدها:
الرحمة للجهال، وذلك من خير يوافق رقة. وقد قيل في منثور الحكم: من أوكد أسباب الحلم رحمة الجهال.

والثاني:
من أسباب القدرة على الانتصار، وذلك من سعة الصدر وحسن الثقة.

والثالث:
من أسبابه الترفع عن السباب، وذلك من شرف النفس وعلو الهمة.

والرابع:
من أسبابه الاستهانة بالمسيء، وذلك عن ضرب من الكبر والإعجاب كما حكي أن رجلًا أكثر من سب الأحنف وهو لا يجيبه فقال: والله ما منعه من جوابي إلا هواني عليه، وفي مثله يقول الشاعر:

إذا نطق السفيه فلا تجبه         فخير من إجابته السكوت

سكتُّ عن السفيه فظنَّ أني         عييت عن الجواب وما عييت

والخامس:
من أسبابه الاستحياء من جزاء الجواب، وهذا يكون من صيانة النفس وكمال المروءة.

والسادس:
من أسبابه التفضل على السَّبَّاب، فهذا يكون من الكرم وحب التألف.

والسابع:
من أسبابه استنكاف السباب وقطع السباب، وهذا يكون من الحزم.

والثامن:
من أسبابه الخوف من العقوبة على الجواب، وهذا يكون من ضعف النفس وربما أوجبه الرأي واقتضاه الحزم.

والتاسع:
من أسبابه الرعاية ليد سالفة وحرمة لازمة، وهذا يكون من الوفاء وحسن العهد.

والعاشر:
من أسبابه المكر وتوقع الفرص الخفية، وهذا يكون من الدهاء. فهذه عشرة أسباب تدعو إلى الحلم، وبعض الأسباب أفضل من بعض وليس إذا كان بعض أسبابه مفضولًا ما يقتضي أن تكون نتيجته من الحلم مذمومة، وإنما الأولى بالإنسان أن يدعوه للحلم أفضل أسبابه وإن كان الحلم كله فضلًا.

الأناة:
الأناة هي التؤدة، والتأني، والتثبت، وترك العجلة، والنظر في المصالح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"التؤدة في كل شيء خير، إلا في عمل الآخرة"،

أي؛ التأني في كل شيء من الأعمال خير مستحسن محمود إلا في عمل الآخرة فإنه غير محمود فيه بل الحزم بذل الجهد فيه لتكثير القربات ورفع الدرجات؛ لأن في تأخير الخيرات آفات. وقال عليه الصلاة والسلام:

التأني من الله، والعجلة من الشيطان"؛

العجلة من الشيطان، أي؛ هو الحامل عليها بوسوسته؛ لأن العجلة تمنع من التثبت والنظر في العواقب وذلك موقع في المعاطب، وذلك من كيد الشيطان ووسوسته. قال ابن القيم: إنما كانت العجلة من الشيطان؛ لأنها خفة وطيش وحدة في العبد تمنعه من التثبت والوقاء والحلم وتوجب وضع الشيء في غير محله وتجلب الشرور وتمنع الخيور وهي متولدة بين خلقين ذميمين التفريط والاستعجال قبل الوقت. قال عمرو بن العاص: لا يزال المرء يجتني من ثمرة العجلة الندامة.

ثم العجلة المذمومة ما كان في غير طاعة ومع عدم التثبت وعدم خوف الفوت. ولهذا قيل لأبي العيناء: لا تعجل فالعجلة من الشيطان، فقال: لو كان كذلك لما قال موسى: وعجلت إليك ربي لترضى. والحزم ما قال بعضهم: لا تعجل عجلة الأخرق ولا تحجم إحجام الواني الفرق. قيل: ويستثنى من ذلك ما لا شبهة في خيريته، قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) . وهناك فرق بين المسارعة والمبادرة إلى الطاعات، وبين العجلة في نفس العبادات، فالأول محمود والثاني مذموم.

وقال صلى الله عليه وسلم:

"السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة"،

أي؛ أن هذه الخصال من شمائل الأنبياء عليهم والصلاة والسلام، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم عليها... وقيل: يحتمل أن يكون معناه أن هذه الخلال مما جاءت به النبوة ودعا إليها الأنبياء. وقيل: معناه أن من جمع هذه الخصال لقيه الناس بالتوقير والتعظيم، وألبسه الله لباس التقوى الذي ألبس أنبياءه عليهم الصلاة والسلام. فكأنها جزء من النبوة.