ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم(يغضب الله على مَن لا يدعوه)

ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم(يغضب الله على مَن لا يدعوه)
384 0

الوصف

                                                    من غضب الله عليهم

                                              يغضب الله على مَن لا يدعوه

يغضب الله على مَن لا يدعوه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنه مَن لم يسأل الله يغضب عليه".

. وقال صلى الله عليه وسلم:

"مَن لم يَدْعُ الله، سبحانه، غَضِبَ عليه".

أي؛ من لم يطلب من فضل الله يغضب عليه؛ لأنه إما قانط، وإما متكبر، وكل واحد من الأمرين موجب الغضب. فهو سبحانه يحب أن يُسأل وأن يُلحَّ عليه، ولم يأمر سبحانه بالسؤال إلا ليعطي، وهذا يعني أن رضى الله في مسألته وطاعته، وإذا رضي سبحانه وتعالى فكل خير في رضاه، كما أن كلا بلاء ومصيبة في غضبه.

السؤال والدعاء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الدعاء هو العبادة"،

ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) . أي؛ هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه بحيث إذا أراد شيئًا فلا يطلب ولا يسأل إلا الله – عزَّ وجلَّ -.

لقد أمر الله تعالى عباده بأن يدعوه وحضهم على الدعاء وسماه عبادة، ووعدهم بأن يستجيب لهم، وأخبرهم بأنه قريب يجيب دعوة من دعاه، ويستحي أن يرد يدي عبده خاليتين، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا".

بل إن الله – جلَّ ثناؤه وتقدست أسماؤه – يغضب على من لا يدعوه ويسأله؛ ذلك لأنه

ليس شيء أكرم على الله من الدعاء"؛

لأن الدعاء فيه إظهار الفقر والعجز والتذلل والاعتراف بقوة الله وقدرته، وما شُرعت العبادة إلا للخضوع للبارئ وإظهار الافتقار إليه، أما ترك الدعاء والسؤال فإنه تكبر واستغناء عن عطائه ورحمته وهذا لا يجوز للعبد، ونِعم ما قيل:

الله يغضب إن تركت سؤاله         وترى ابن آدم حين يُسأل يغضب

وذلك لأن الله يحب أن يُسأل من فضله ووعد بأن يعطي من يسأله؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:

ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".

وإذا وجد الإنسان أن يدعو ولا يُستجاب له فقد يكون لذلك سببًا من نفس هذا الإنسان أو وقوع خلل في شرط من شروط الدعاء؛ فالعبد إذا دعا ربه ولم يكن في دعائه واحد من موانع الإجابة الثلاثة فالاستجابة مؤكدة بواحد من شيئين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يُعجَّل له في الدنيا، وإما أن يدَّخر له في الآخرة، ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل" قالوا: يا رسول الله وكيف يستعجل؟ قال: "يقول: دعوت ربي فما استجاب لي".

فقول: "دعوت ربي فما استجاب لي" هو إما استبطاء أو إظهار يأي وكلاهما مذموم، أما الأول؛ فلأن الإجابة لها وقت معين كما ورد أن بين دعاء موسى وهارون على فرعون وبين الإجابة أربعين سنة، وأما القنوط فلا ييأس من روج الله إلا القوم الكافرون، مع أن الإجابة على أنواع منها تحصيل عين المطلوب في الوقت المطلوب، ومنها وجوده في وقت آخر لحكمة اقتضت تأخيره، ومنها دفع شر بدله، أو عطاء خير آخر خير من مطلوبه، ومنها ادخاره ليوم يكون أحوج إلى ثوابه.

والمطلوب من الداعي ألا يمل من الدعاء، وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب، وأن يكون موقنًا بالإجابة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ادعوا الله، وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"، وأن يجتنب موانع إجابة الدعاء كالأشياء الثلاثة الآنفة الذكر وهي الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو الاستعجال؛ ويدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب، ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم. ويمنع من إجابة الدعاء أيضًا الحرام وما كان في معناه، قال صلى الله عليه وسلم:

"الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّي يستجاب لذلك"،

أي؛ من أين يستجاب لمن هذه صفته وكيف يُستجاب له. وقيل لإبراهيم بن أدهم: ما بالنا ندعو فلا يُستجاب لنا؟ قال: لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وأكلتم نِعم الله فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس.

كذلك لا يعتدي في دعائه بذكر ألفاظ غير جائزة مثل: اللهم إن شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولنَّ اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له".

وفي الحديث أيضًا أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله فإنه يدعو كريمًا. وقد قال ابن عيينة: لا يمنعن أحدًا الدعاء ما يعلم في نفسه – يعني من التقصير – فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: رب أنظرني إلى يوم يُبعثون. قال تعالى: (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) .

وعليه أن يعلم أن للدعاء أوقات فاضلة وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك كثلث الليل الآخر، وما بين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وأوقات الاضطرار، وحالة السفر والمرض، وغير ذلك من أوقات الإجابة، وأن يلح في الدعاء كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يستحب أن يكرر الدعاء ثلاث مرات، فعن عبد الله بن مسعود، قال: وكان يستحب ثلاثًا يقول:

"اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، ثلاثًا".

وأخيرًا، لا ينسى الداعي أن أقل ما في الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر بالدعاء الذي هو العبادة.

ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه تعالى يجيب دعوة المضطر كما قال عزَّ وجلَّ: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ، أي؛ مَن هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف السوء وضر المضرورين سواه؟ إنه الله تبارك وتعالى، فهو المدعو عند الشدائد، المرجو عند النوازل، الذي يجيب دعوة المضطر سواء كان مؤمنًا أو كافرًا. فالله – جلَّ جلاله – يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ورجاه مخلصًا من أعمق أعماق قلبه، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إلام تدعو، قال صلى الله عليه وسلم:

"أدعو إلى الله وحده، الذي إن مسَّك ضر، فدعوته، كشف عنك. والذي إن ضللت بأرض قفر، دعوته، رد عليك. والذي إن أصابتك سنة، فدعوته، أنبت عليك".

والدعاء أحد أسباب اكتساب الرزق أيضًا؛ لأنه توجه وسؤال الرزاق الرازق الذي بيده الرزق ويرزق من يشاء بغير حساب، عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم:

"اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا"،

كذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول:

"اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِلة والذِّلة"،

فقد كان رسول صلى الله عليه وسلم نفسه يدعو الله تعالى بأن يرزقه الرزق الطيب ويتعوذ بالله تعالى من الفقر، وعن علي رضي الله عنه، أن مكاتبًا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لو كان عليك مثل جبل صِير دينًا أداه الله عنك، قال: قل:

"اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك"؛

الكتابة هي تعليق عتق العبد على إعطاء سيده كذا من المال؛ وهذا المكاتب قد عجز عن أداء المال الذي كاتبه به سيده وبلغ وقت الأداء وليس له مال فطلب من علي رضي الله عنه أن يعينه بالمال أو بالدعاء بسعة المال فعلمه أن يدعو بهذا الدعاء، وأن يستعين بالله لأدائها ولا يتكل على الغير.

وعلى الداعي ألا يغفل عن شيء مهم لا بد أن يبدأ به الدعاء، ألا وهو حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلًا يدعو في صلاته، لم يُمَجِّد الله تعالى، ولم يُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"عَجَّلَ هذا"

ثم دعاه فقال له – أو لغيره -:

"إذا صلَّى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه جلَّ وعزَّ والثناء عليه، ثم يُصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بَعْدُ بما شاء".