ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم(من صفات المنافقين في القرآن)

ماذا يحب الله ورسوله-من غضب الله عليهم(من صفات المنافقين في القرآن)
199 0

الوصف

                                                     من غضب الله عليهم

                                               من صفات المنافقين في القرآن
وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) . يخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم ينتظرون زوال دولة المؤمنين وظهور الكفرة عليهم وذهاب ملتهم، فإن كان للمسلمين فتح من الله، أي؛ نصر وتأييد وظفر وغنيمة: يتوددون إلى المؤمنين بقولهم: ألم نكن معكم؟ وإن كان للكافرين إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان، قالوا للكافرين: ساعدناكم في الباطن وما ألوناهم خبالًا وتخذيلًا حتى انتصرتم عليهم.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) . بعد أن نهى الله – تبارك وتعالى – عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله، وبيَّن أن مَن يتولهم من المسلمين فإنه منهم، أخبر عزَّ وجلَّ عن المنافقين الذين في قلوبهم شك وريب ونفاق، أنهم يبادرون إلى موالاة اليهود والنصارى ومودتهم في الباطن والظاهر، ويتأولون في مودتهم وموالاتهمأنهم يخشون أن يفع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك. قال تعالى: (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) .

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا) . بيَّن الله تعالى أن هؤلاء المنافقون يودون للمسلمين الضلالة ليستووا هم وإياهم فيها، وما ذاك إلا لشدة عداوتهم وبغضهم لهم؛ ولهذا نهى الله تعالى المسلمين عن أني تخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله، فإن تركوا الهجرة وأظهروا كفرهم؛ فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك.

وهم (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) . فهذه صفة أخرى من صفات المنافقين وهي أنه لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، وإن جاء أحد فتصدق بمال جزيل قالوا: هذا مراء، وإن جاء فتصدق بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا. (وهم وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآَخِرِ) . فهذه عادة المنافقين أنهم ينفقون أموالهم رياء، والرياء من صفة أهل النفاق. وقد أخبر الله تعالى أنهم مهما أنفقوا من نفقة طائعين أو مكرهين لن يتقبل منهم؛ لأنهم كفروا بالله وبرسوله، والأعمال إنما تصح بالإيمان.

وهم (المنافقون الذين يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ) ، إنهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم، ويجاهرون الله بها، مع أنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنه: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَمَن يُّضْلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) ، بيَّن الله – سبحانه وتعالى – صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي (الصلاة)؛ إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا نية لهم فيها ولا إيمان لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها، وهذه صفة ظواهرهم، أما صفة بواطنهم الفاسدة، فهم يراؤون الناس، فلا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقيَّة لهم ومصانعة؛ ولهذا يتخلفون كثيرًا عن الصلاة التي يرون فهيا غالبًا؛ مثل: (صلاة الفجر والعشاء)، وهم مذبذبين بين الإيمان والكفر، فلا هم مع المؤمنين ظاهرًا وباطنًا، ولا مع الكافرين ظاهرًا وباطنًا، بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين، ومنهم من يعتريه الشك فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى أولئك.

وهم المنافقون الذين أخبر الله تعالى عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم، أنهم: (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُم مِّنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ) ، فهم لو يجدون حصنًا يتحصنون به وحرزًا يتحرزون به، أو مغارات، أو سراديب وأنفاق؛ لولوا إليه وهم يسرعون في ذهابهم عنكم؛ لأنهم إنما يخالطونكم كرهًا لا محبة، وودوا أنهم لا يخالطونكم ولكن للضرورة أحكام؛ ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغم؛ لأن الإسلام وأهله لا يزال في عز ونصر ورفعة؛ فلهذا كلما سر المسلمون ساءهم ذلك فهو يودون ألا يخالطوا المؤمنين.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ) ، كان المنافقون يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله ألا يفشي علينا سرنا هذا، فقال الله تعالى: (قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ) ، أي؛ إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به ويبين له أمركم.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) . فهؤلاء المنافقون جعلوا الدين وأهله مادة للضحك والاستهزاء. قال تعالى: (لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) .

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنه: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) .

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) .

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عنهم: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَّغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) . وقال تعالى: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) .

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) . لقد وصل الأمر بالمنافقين إلى أن يبينوا مسجدًا للتآمر على المسلمين، وحلفوا أنهم ما أرادوا إلا خيرًا، والله يشهد إنهم لكاذبون فيما قصدوا وفيما نووا، ونهى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة تبع له في ذلك عن أن يصلي فيه أبدًا. فإن يبني المنافقون (مسجدًا) ضرارًا وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله، فهم أولى أو يبنوا أو يخصصوا معاقل وأندية وجمعيات ومحافل وغير ذلك للتآمر على المسلمين، والتخطيط لإضلالهم وإفسادهم وإبعادهم عن دينهم وبث الفرقة بينهم.

وهم المنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (48) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) . يخبر الله تعالى عن صفات المنافقين الذين يقولون قولًا بألسنتهم: آمنا بالله وبالرسول وأطعنا، ثم يخالفون أقوالهم بأعمالهم. وغذا طلبوا إلى اتباع الهدى فيما أنزل الله على رسوله؛ أعرضوا عنه واستكبروا في أنفسهم عن اتباعه، وإذا كانت الحكومة لهم لا عليهم جاؤوا سامعين مطيعين، وإذا كانت الحكومة عليهم أعرضوا ودعوا إلى غير الحق، وأحبوا أن يتحاكموا إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم ليروجوا باطلهم ثَمَّ، فإذعانهم أولًا لم يكن عن اعتقاد منهم أن ذلك هو الحق؛ بل لأنه موافق لهواهم؛ ولهذا لما خالف الحق قصدهم عدلوا عنه إلى غيره.