ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من العبادات (يرضى الله عن ثلاثة أمور)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من العبادات (يرضى الله عن ثلاثة أمور)
183 0

الوصف

                                                    ما يحب الله من العبادات

                                                   يرضى الله عن ثلاثة أمور

يرضى الله عن ثلاثة أمور

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله تعالى: يرضى لكم ثلاثًا... فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاهُ الله أمركم...".

عبادة الله وعدم الشرك به:
أصل العبودية الخضوع والذل، والتعبيد التذليل؛ والاستعباد وهو أن يتخذه عبدًا؛ والعبادة الطاعة؛ وعبادة الله التذلل والخضوع له.

قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) يأمر الله – تبارك وتعالى – بعبادته وحده لا شريك له، فإنه هو الذي لا إله غيره ولا رب سواه ولا تبتغي العبادة إلا له؛ والعبادة هي الغاية المقصودة بالخلق، والتي لها خلقوا، ولها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولأجلها خلقت الجنة والنار.. قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) فالعبادة: هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها.. وأصل العبادة: محبة الله، بل إفراده بالمحبة، وأن يكون الحب كله لله، فلا يحب معه سواه، وإنما يحب لأجله وفيه، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه، فمحبتنا من تمام محبته، وليست محبة معه، كمحبة من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحبه. وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها؛ فهي إنما تتحقق باتباع أمره، واجتناب نهيه. فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة.

وبنيت العبادة على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه، من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح. والعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع:

فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله.

وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعوة إليه، والذبِّ عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة له، والقيام بذكره، وتبليغ أوامره.

وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والخوف منه والرجاء له، وإخلاص الدين له، والصبر على أوامره، وعن نواهيه، وعلى أقداره، والرضى به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل له والخضوع، والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها. وعمل الجوارح دونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.

وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات، ومساعد العاجز، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.

وجميع الرسل دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم إحسان العبودية أعلى مراتب الدين، وهو الإحسان. فقال صلى الله عليه وسلم عن الإحسان:

"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

ولا ينفك العبد من العبودية ما دام في دار التكليف إلى أن يموت، قال الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) أي؛ الموت.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا معاذ بن جبل" قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: "هل تدري ما حق الله على العباد؟" قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا"، ثم سار ساعة ثم قال: "يا معاذ بن جبل" قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: "هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟" قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أن لا يعذبهم".

(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)

الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق:
العصمة المَنْعَة، والاعتصام افتعال من العصمة. وهو التمسك بما يعصمك، ويمنعك من المحذور والمخوف. والعصمة الحمية. والاعتصام الاحتماء. ومنه سميت القلاع: العواصم، لمنعها وحمايتها. والحبل لفظ مشترك، وأصله في اللغة السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة.

قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) قيل: حبل الله هو عهد الله، وقيل: هو القرآن حبل الله المتين، والاعتصام به التمسك بآياته والمحافظة على العمل بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وإني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله عزَّ وجلَّ هو حبل الله مَن اتبعه كان على الهدى ومَن تركه على ضلالة".

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القرآن: هو حبل الله المتين. ولا تختلف به الألسن. ولا يَخْلَقُ على كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، وعِصمة مَن تمسك به، ونجاة من تبعه. وقيل: هو الجماعة؛ والله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفُرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة. قال ابن مسعود: عليكم بالجماعة. فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تحبون في الفرقة.

(وَلاَ تَفَرَّقُوا) يعني؛ ولا تختلفوا في ذلك الاعتصام كما اختلف أهل الكتاب وكما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم. ويجوز أن يكون معناه ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة، وكونوا في دين الله إخوانًا؛ فيكون ذلك منعًا لهم عن التقاطع والتدابر.

أوجب الله تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادًا وعملًا؛ وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين.

نصح ولاة الأمر:
هم الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولايات.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الدين النصيحة، قلنا لَمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".

النصيحة كلمة جامعة معناه حيازة الحظ للمنصوح له. قال النووي: أما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به ونهيهم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب المسلمين لطاعتهم. قال الخطابي: ومن النصيحة لهم، الصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وألا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يُدعى لهم بالصلاح.

وقال العسقلاني: والنصيحة لأئمة المسلمين إعانتهم على ما حملوا القيام به، وتنبيههم عند الغفلة، وسد خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم، ورد القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن. ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد، وتقع النصيحة لهم ببث علومهم، ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم.