ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من العبادات(بر الوالدين)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من العبادات(بر الوالدين)
182 0

الوصف

                                                    ما يحب الله من العبادات

                                                        بر الوالدين

أحب العمل إلى الله بر الوالدين

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمال أحب إلى الله عزَّ وجلَّ؟ قال:

"الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين".

بر الوالدين: أخبر الوالدين أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام بعد الشهادتين. ورتب ذلك بـ (ثم) التي تعطي الترتيب والمهلة.

قال الله تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )

(وَقَضَى ) أي؛ أمر وألزم وأوجب.. أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقرونًا بذلك، كما قرن شكرهما بشكره فقال: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) والمعنى: قلنا له أن اشكر لي ولوالديك. قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان، وللوالدين على نعمة التربية. وقال سفيان بن عيينة: من صلَّى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدار الصلوات فقد شكرهما... قال العلماء: فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان والتزام البر والطاعة له والإذعان مَن قرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته وشكره بشكره وهما الوالدان.

ومن البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعُقُّهما؛ فإن ذلك من الكبائر بلا خوف، وبذلك وردت السنة الثابتة؛ قال صلى الله عليه وسلم:

"إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه" قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".

ومن الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما؛ فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أجاهد؟ قال: "لك أبوان؟" قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد". ومن برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن لي مالًا وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي. فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك". ومن برهما بعد موتهما الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم للولد إلا من قبلهما.

ومن البر بالوالدين أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه"

قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة". فالسعيد الذي يبادر اعتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك. والشقي من عقهما، لا سيما من بلغه الأمر ببرهما.

ومن البر بهما إلا ينهرهما بل يخاطبهما بالقول الليِّن اللطيف، مثل: يا أبتاه ويا أماه، من غير أن يسميهما ويكنيهما... وأن يشفق ويتذلل لهما تذلل العبيد للسادة.. وأن يترحم عليهما ويدعو لهما، وأن يرحمهما كما رحماه ويرفق بهما كما رفق به؛ إذ ولياه صغيرًا جاهلًا محتاجًا فآثراه على أنفسهما، وأسهرا ليلهما، وجاعا وأشبعها، وتعريا وكسواه، فلا يجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر الحد الذي كان فيه من الصغر، فيلي منهما ما وليا منه، ويكون لهما حينئذٍ فضل التقدم. وليتذكر العبد شفقة الأبوين وتعبهما في التربية، ليزيده ذلك إشفاقًا لهما وحنانًا عليهما..

وإذا كان الله – عزَّ وجلَّ – قد أمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، فقد نهى في الوقت نفسه عن طاعتهما إذا كانا مشركين وأمرا ولدهما بالشرك أو بمعصية الله، فقال تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فطاعة الوالدين لا تراعى في ركوب كبيرة ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات، والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق ومصاحبتهما في الدنيا بما يحسن.