موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (18- في تكريم ذوي الفضل وآداب المجالس)

18- في تكريم ذوي الفضل وآداب المجالس

- روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر، فكان يخدمني، فقلت له: لا تفعل. فقال: إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا آليت أن لا أصحب أحدًا منهم إلا خدمته.

فهو رضي الله عنه يكرمهم بذلك تكريمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يخدمونه في حياته.

2- وروى مسلم عن عقبة بن عمرو البدري الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سنًا، ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه.

فمن الآداب الإسلامية تقديم الأعلم، والأسبق في صالح العمل، والأكبر سنًا على من سواهم.

3- وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإياكم وهيشات الأسواق.

هيشات الأسواق: أي جماعات الأسواق التي تختلط دون تنظيم ولا تنسيق، فيختلط فيها الصغير بالكبير، والجاهل بالعالم، وذو المكانة بغيره دون تمييز، فهذا الاختلاط الذي لا تمييز فيه مخالف للآداب الإسلامية.

وجاء في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم قوله:

أنزلوا الناس منازلهم.

4- وروى البخاري ومسلم أن عبد الرحمن بن سهل ذهب يتكلم وفي القوم من هو أكبر منه سنًا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:

كبر كبر.

أي ليتكلم من هو أكبر منك سنًا، وهذا الأدب قد تعلمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزموه، فهذا سمرة بن جندب يقول فيما رواه البخاري ومسلم: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالًا هم أسن مني.

5- وروى الترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما أكرم شابٌ شيخًا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه.

6- وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام:

أتأذن لي أن أعطي هؤلاء.

فقال الغلام: لا والله يا رسول الله لا أؤثر بنصيبي منك أحدًا، فتلّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.

قال الشراح: الغلام هو ابن عباس.

فتلّه: أي ألقاه إليه بشيء من العنف الدال على عدم ارتياح الرسول صلى الله عليه وسلم.

فمن الآداب الإسلامية في المجالس أن أول حلقة المجلس يمثلها دائمًا وجه القوم ومتقدمهم حيثما كان من المجلس، وقد التزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأدب الإسلامي من الآداب الاجتماعية، فكانوا يبدأون برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل المجالس التي يكون فيها، فيقدمون إليه الشراب أولًا إذا كانت الضيافة على شراب، أو الطعام إذا كانت الضيافة على طعام.

فوجه المجلس هو واسطة العقد الذي ينبغي أن يبدأ به أولًا، سواء أكان في صدر المجلس أو في طرفه، ثم من على يمينه، ثم من على يساره.

7- وروى مسلم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

أراني في المنام أتسوك بسواك، فجذبني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر.

فدل هذا الحديث على أن البدء بالأكبر من الآداب الإسلامية التي أمر بها الرسول في المنام.