موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (15- في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكاره وتغييره)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (15- في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكاره وتغييره)
108 0

الوصف

                                                     نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية

                                                  15- في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكاره وتغييره

15- في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكاره وتغييره

1- روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.

2- وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف  خلوف: جمع خلف، وهم أقوام وأمم تأتي بعد أقوام وأمم، فتكون خلفًا لهم، كقرنٍ وقرون.   يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

3- وروى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا  بواحًا: أي جهارًا معلنًا ظاهرًا.   عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم".

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاولة تغيير المنكر بالنصيحة وبالطرق العملية المثمرة، مساهمة جليلة في صيانة المجتمع وتقويمه وإصلاحه، وكل مساهمة في إصلاح المجتمعات الإنسانية وتقويمها وصيانتها أعمال أخلاقية فاضلة.

وحينما لا يستطيع الإنسان تغيير المنكر بيده، ولا إنكاره بلسانه، فإنه لا يبقى لديه إلا أن ينكره بقلبه، وحركة القلب أول العمل الأخلاقي، ثم تأتي من بعدها ظواهر السلوك القولية أو العملية، وحين تقف عقبات دون ظهورها، أو لا توجد الاستطاعة لتنفيذها، أو تتخاذل النفس بالجبن، فإن العمل القلبي وحده يعتبر في نظر الحقيقة عملًا أخلاقيًّا إلا أنه عمل ضعيف من جهة آثاره المادية الظاهرة، والعمل الأقوى منه هو ما كان له آثار في اللسان، والأقوى منهما ما كان له آثار في التطبيق العملي، ولذلك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم إنكار القلب للمنكر بأنه أضعف الإيمان، مع إثبات أنه عمل إيماني.

وليس دون إنكار القلب مرتبة ضعيفة من مراتب الإيمان، فما دون إنكار القلب للمنكر إلا الرضى بالمنكر، ثم استحسانه، ثم المتابعة عليه وفعله ونشره بين الناس، وكل ذلك ليس فيه من الإيمان مثقال حبة من خردل؛ لأنه عمل لا يقتضيه الإيمان بحال من الأحوال، بل هو مناف لمقتضياته، فهو يقع خارج القوس الإيماني.

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكاره ومحاولة تغييره من مكارم الأخلاق الإيمانية، لما فيها من خدمة اجتماعية، وصيانة للمجتمعات عن الانزلاق في مزالق الانحراف.

ولذلك حرص الإسلام حرصًا شديدًا على جعل كل المسلمين والمسلمات حراسًا لأسوار الفضائل وتعاليم الدين الحنيف، فمن جاهد منهم المنحرفين بيده فهو مؤمن، ومن جاهد بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهد بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

والرسول صلى الله عليه وسلم يحمل المجتمع المسلم مسؤولية تقويم المنحرفين وحراسة حدود الإسلام، بمستويات تتناسب مع مستويات الاستطاعة لكل فرد منهم، وهذه المسؤولية مسؤولية دينية أخلاقية معًا.

ولذلك كان من بنود البيعة التي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم عليها أصحابه، أن يقولوا بالحق أينما كانوا، وأن لا يخافوا في الله لومة لائم، والقول بالحق يتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ووظيفة حراسة المجتمع لحمايته من الانحراف وظيفة اجتماعية إلزامية، لا يجوز التخلي عنها في حال من الأحوال والتخلي عنها يعرض الأمة كلها للعقوبة العامة، وهذا ما هدد به الرسول صلى الله عليه وسلم في مناسبات متعددة، منها ما رواه الترمذي وقال: حديث حسن، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم.

ومنها ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه.

ومنها ما رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض

ثم قال:

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (81))  الآيات من 78 - 81 من سورة (المائدة 5).  

ثم قال:

كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا، ولتقصرنه على الحق قصرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم.

وفي حديث المبايعة المبايعةُ على السمع والطاعة، والسمع والطاعة من أخطر الفضائل وأجلها في تكوين الأمم القوية المتماسكة، وإن أية أمة لا تتحلى بخلق السمع والطاعة لقادتها لا تستطيع أن تبني نفسها البناء الجماعي القوي المتماسك الحصين.