موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (14- في عدم المجاهرة بفعل السوء)
الوصف
نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية
14- في عدم المجاهرة بفعل السوء
14- في عدم المجاهرة بفعل السوء
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستر الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا. وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه.
فمن الناس من يفعلون السوء سرًا، ويصبحون قد سترهم الله، فيأتون ويتحدثون بين الناس بما فعلوا من إثم، كأنهم لم يفعلوا شيئًا، وقد يتفاخرون بين الناس بما فعلوا كأنهم قد فعلوا أمرًا حسنًا، وهذا مجون وتهتك وقحة، وهو مثل المجاهرة العلنية بفعل السوء، ولا يكون من ذي حياء، وقد جاء في الحديث:
إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستحي فاصنع ما شئت.
فمن لا حياء عنده هان عليه أن يجاهر بما يفعل من قبيح، والمجون صفة من لا أخلاق له ولا فضيلة عنده تردعه وتمنعه عن القبائح.
سئل أحد أهل المجون: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت لا فرق عندي مدحني الناس أو ذموني. فقال له السائل: لقد استرحت من حيث تعب الكرام.
فالماجن يفقد بمجونه كرامة نفسه، ويرضى لها مقام الذل والمهانة، ويرضى لها مقام الخزي والندامة والعذاب المهين يوم القيامة.
أما من يستحيي بخطيئته، ويتستر فيها ويتوارى، ولا يتحدث بها أمام الناس، فإن العافية مرجوة له برحمة الله وتوفيقه؛ لأن حياءه الذي منعه من المجاهرة وجعله يتوارى ويتستر، عنصر خلقي كريم سيأخذ بيده إلى مقام الاستحياء من الله، فيترك القبائح كلها في سره وعلنه؛ لأنه يعلم أن الله مطلع عليه مراقب له، وسيحاسبه على أعماله حسابًا عادلًا.
فالتستر بفعل القبائح عمل أخلاقي فاضل، وستر المسلم أخاه المسلم عمل أخلاقي فاضل، وكل منهما يساعد على كتم الرذيلة وإشاعة الفضيلة، بخلاف المجاهرة والفضيحة فإنهما يساعدان على نشر الرذيلة وإشاعة الفواحش والقبائح بين الناس.