موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (9- في حب العطاء وقوة الإرادة وعلو الهمة)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (9- في حب العطاء وقوة الإرادة وعلو الهمة)
304 0

الوصف

                                                     نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية
                                                         9- في حب العطاء وقوة الإرادة وعلو الهمة

9- في حب العطاء وقوة الإرادة وعلو الهمة

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال:

أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان.

أي: ولا تهمل بذل الصدقة وأنت في حال صحتك وشحك بالمال، وأنت في حالة نفسية تخشى معها الفقر وتأمل الغنى، حتى إذا بلغت الروح الحلقوم، وذلك عند النزع وخروج الروح، قلت عندئذٍ في وصيتك: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان هذا الذي تبذله وأنت في هذه الحالة لفلانٍ ما لا محالة، أي إن مالك كله صائر لغيرك لا محالة، وغيرك يكنّى عنه بفلان.

وفي هذا الحديث من التربية الخلقية أمران:

الأول:
يوجه فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم إلى فضيلة خلق حب العطاء، لا سيما العطاء الذي يكون في محله، والذي يبتغى به وجه الله تعالى، وهو عطاء الصدقة، ولا سيما أيضًا العطاء الذي يكون الإنسان معه شديد الحرص على ما يملك، واسع الأمل بالحياة، غير مرتقب الموت وغير يائس من طول البقاء، وطول الأمل يكون عادة في حالة الصحة والقوة، ومع طول الأمل يزداد الطمع بالدنيا والحرص على أموالها ومتاعها، وهذا ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم جوابًا للسائل الذي سأله: أي الصدقة أفضل، بقوله:

أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى.

الثاني:
يوجه فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم لخلق قوة الإرادة وخلق علو الهمة، اللذين ينشأ عنهما الحزم والعزم والمبادرة إلى فعل الخير، دون تهاون أو إهمال أو توانٍ أو تقصير، فكثير من الناس يريد الخير ولكن ينقصه الحزم والعزم، وتتقاصر همته عن التنفيذ، فيصاب بداء التهاون والإهمال والتواني والكسل والتسويف في الأمور، حتى يضيع عمره كله، وعندئذ يجد نفسه أمام أجله المحتوم، وليس في صحيفة أعماله ما يعطيه ثمرة نافعة، وليس في مزرعة حياته إلا قفر مغبر، أو نبات غير مثمر. فإذا أراد أن يتدارك ما فات لم يسعفه الوقت بأن يغنم ما يطمع فيه، وعندئذٍ لا يجد أمامه إلا الوصية يوصي بها، فيوصي لفلان بكذا من تركته، ولفلان بكذا، مع أن تركته صائرة حتمًا إلى غيره، فهو بعطائه هذا إنما يعطي من مال غيره، لا من مالٍ له فيه مطمع لنفسه، ولذلك لم يأذن الله له بأن يتصرف إلا في حدود ثلث ماله، وهذه صدقة تصدق الله بها عليه، إذ أذن له أن يوصي بثلث ماله لغير الوارثين أما الوارث فلا وصية له كما ثبت في بيان الرسول صلى الله عليه وسلم.