موسوعةالأخلاق الإسلامية-حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية(10- الوصية بعطاء)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية(10- الوصية بعطاء)
233 0

الوصف

                                                    حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية

                                                          10- الوصية بعطاء
            الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل السابع: حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية >>

11- الوصية بعطاء

من الناس من تغلب عليهم طبيعة البخل طوال حياتهم، حتى إذا يئسوا من الحياة وأقعدهم المرض المنذر بالموت، أخذوا يتبرعون بمقادير من أموالهم، لعلمهم بأنها صائرة إلى غيرهم لا محالة، ويكون بذلهم إما على سبيل الوصية، وإما على سبيل العطاء المنجز.

وهذا تدارك حسن، رغب به الإسلام، وحث عليه، إلا أن الأحسن منه والأفضل عند الله، أن يتصدق المسلم وهو صحيح الجسم واسع الأمل بالحياة، تراوده مخاوف الفقر، وتطمع نفسه بالثراء الواسع. أما بذل المال عند اليأس من الحياة، فهو بذل من مالٍ سيخرج من ملكه حتمًا، ويدخل في ملك غيره، والعطاء عن طريق الوصية صدقة تصدق الله بها على عباده، فأعطاهم حق التصرف بحدود ثلث أموالهم فقط، ليكتب ذلك في صحائف أعمالهم، ولولا هذا العطاء الإلهي لكان تصرف الإنسان المضاف إلى ما بعد موته تصرفًا لا قيمة له؛ لأنه تصرف من ملك من جعل الله لهم حقوقًا في تركته. فالإنسان متى مات انتهت ملكيته لأمواله، وعاد الملك لمالك الملك جل وعلا، ويوزع على المستحقين بالعطاء الإلهي حسب التقسيمات التي فرضها الله.

ومن أجل ذلك يعتبر عطاء الإنسان في حالة اليأس من الحياة، أو عطاؤه المضاف إلى ما بعد الموت، عطاءً ضعيف القيمة بالنسبة إلى العطاء في حالة الصحة والقوة.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال:

أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلانٍ كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان.

وقد كان لفلان: أي إن المال صائر حتمًا بعد موت الموصي لفلانٍ ما، سواء أكان لمن يأخذه على سبيل صدقة، أو لمن يأخذه على سبيل الميراث، فكأن الموصي يتصدق من مال غيره.

ولكن ليس معنى هذا أنه لا قيمة للصدقة على سبيل الوصية، إنما الغرض بيان أفضلية الصدقة المنجزة، حينما يكون الإنسان صحيحًا في جسمه، شحيحًا بماله، يخشى الفقر والحاجة، ويأمل الغنى لما تبقى من عمره.

وروى أحمد والنسائي والترمذي وصححه عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مثل الذي يتصدق عند موته أو يعتق كالذي يهدي إذا شبع.