موسوعةالأخلاق الإسلامية-حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية(1- القدوة الحسنة من مظاهر الحب والعطاء)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية(1- القدوة الحسنة من مظاهر الحب والعطاء)
227 0

الوصف

                                                    حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية

                                                     1- القدوة الحسنة من مظاهر الحب والعطاء
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل السابع: حب العطاء وفروعه وظواهره السلوكية >>

6- شرح وتفصيل للتربية الإسلامية على خلق حب العطاء... مدعمًا بالنصوص

لقد حث الإسلام على كل أنواع العطاء، وكل صور المعونة والمساعدة، بالمال، أو بالنفس، أو بالجاه، أو بغير ذلك، ما دام العطاء في الخير لا في الشر.

1- القدوة الحسنة:

كان الرسول صلوات الله عليه هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى في الجود وحب العطاء، فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، إذ كان فيه كالريح المرسلة.

وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبه للعطاء، إذ كان يعطي عطاء من لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه، ثقة بعظيم فضل الله، وإيمانًا بأنه هو الرزاق ذو الفضل العظيم.

روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لو كان لي مثل أحُد ذهبًا لسرني أن لا يمر علي ثلاث ليالٍ وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم بهذا النموذج المثالي للقدوة الحسنة، لا سيما حينما نلاحظ أنه كان في عطاءاته الفعلية مطبقًا لهذه الصورة القولية التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرته عظيمتين حينما كان يبذل كل ما عنده من مال.

ثم إنه يربي المسلمين بقوله وعمله على خلق حب العطاء، إذ يريهم من نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها.

ومن التطبيقات العملية التي رويت لنا من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري عن عقبة بن الحارث، قال: صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر، فسلم، ثم قام مسرعًا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، فقال:

ذكرت شيئًا من تبر عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته.

من تبر: أي من ذهب غير مضروب.

فقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم عقب صلاته مسرعًا على غير عادته، حينما تذكر أن عنده شيئًا من ذهب، وأسرع ليوزعه على ذوي الحاجات، ولما رأى أن مباشرته لتوزيعه سيؤخره عن المسلمين أمر بتوزيعه، وعاد صلوات الله عليه إلى المسجد.

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندي في مرضه ستة دنانير أو سبعة، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها، فشغلني وجع نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم سألني عنها:

ما فعلت الستة أو السبعة؟

قلت: لا والله، لقد شغلني وجعك، فدعا بها ثم وضعها في كفه، فقال:

ماظن نبي الله لو لقي الله عز وجل وهذه عندي.

فهو صلوات الله عليه لم يسمح لنفسه بأن يبقي لديه سبعة دنانير، ويلقى الله قبل أن ينفقها في سبيل الله.

وروى مسلم عن أنس: "أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأعطاه إياها، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا، فوالله إن محمدًا يعطي عطاءً ما يخاف الفقر".

وروى البخاري ومسلم عن جابر قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال لا".

وروى البخاري عن جبير بن مطعم، بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقفله من حنين، فعلقت الأعراب يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة، فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه نعم لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا.

إلى سمرة: أي إلى شجرة من شجر السمر.

العضاه: اسم يطلق على أصناف مختلفة من الأشجار.

فالرسول يقول لهؤلاء الأعراب الذين تعلقوا به: لو كان لي من النعم، من إبل وبقر وغنم، عدد هذه الأشجار التي تملأ الوادي لقسمته بينكم، ولم أبق لنفسي منه شيئًا.

فما أعظم جودك؟! وما أسخى نفسك؟! وما أكرمك؟! يا سيدي يا رسول الله، وما جودك هذا إلا خصلة من خصال خلقك العظيم الذي وصفك الله به.