موسوعةالأخلاق الإسلامية-الصبر وفروعه وظواهره السلوكية(الصبر من الأسس العامة)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الصبر وفروعه وظواهره السلوكية(الصبر من الأسس العامة)
233 0

الوصف

                                         الصبر وفروعه وظواهره السلوكية

                                              الصبر من الأسس العامة
          الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل السادس: الصبر وفروعه وظواهره السلوكية >>

1- الصبر من الأسس العامة

من الأسس العامة التي ترجع إليها مجموعة من الفروع والمفردات الخلقية المحمودة؛ خلق الصبر.

ويأتي في مقابل هذا الأساس خلق عدم الصبر، وإليه ترجع مجموعة من النقائص الخلقية في السلوك الإنساني، مثل سرعة التضجر وعدم التحمل، والعجلة الرعناء في الأمور، وسرعة الغضب، وعدم الأناة، وأشباه ذلك.

تعريف الصبر:

الصبر
قوة خلقية من قوى الإرادة، تمكن الإنسان من ضبط نفسه لتحمل المتاعب والمشقات والآلام، وضبطها عن الاندفاع بعوامل الضجر والجزع، والسأم والملل، والعجلة والرعونة، والغضب والطيش، والخوف والطمع، والأهواء والشهوات والغرائز.

وبالصبر يتمكن الإنسان بطمأنينة وثبات أن يضع الأشياء في مواضعها، ويتصرف في الأمور بعقل واتزان، وينفذ ما يريد من تصرف في الزمن المناسب، وبالطريقة المناسبة الحكيمة، وعلى الوجه المناسب الحكيم، بخلاف عدم الصبر الذي يدفع إلى التسرع والعجلة، فيضع الإنسان الأشياء في غير مواضعها، ويتصرف برعونة، فيخطئ في تحديد الزمان، ويسيء في طريقة التنفيذ وفي وجهه، وربما يكون صاحب حق أو يريد الخير، فيغدو جانيًا أو مفسدًا، ولو أنه اعتصم بالصبر لسلم من كل ذلك.

مجالات الصبر:

للصبر مجالات كثيرة في حياة الإنسان، منها المجالات التالية:

(أ) فمن الصبر ضبط النفس عن الضجر والجزع عند حلول المصائب ومس المكاره.

(ب) ومن الصبر ضبط النفس عن السأم والملل، لدى القيام بأعمال تتطلب الدأب والمثابرة خلال مدة مناسبة، قد يراها المستعجل مدة طويلة.

(ج) ومن الصبر ضبط النفس عن العجلة والرعونة، لدى تحقيق مطلب من المطالب المادية أو المعنوية.

والإنسان بطبعه عجول، يصعب عليه انتظار تحقيق الأمور في أوقاتها، ويريد استعجال الأشياء قبل أوانها، وفي الكلام السائر: صاحب الحاجة أرعن لا يروم إلا قضاءها.

(د) ومن الصبر ضبط النفس عن الغضب والطيش، لدى مثيرات عوامل الغضب في النفس، ومحرضات الإرادة للاندفاع بطيش لا حكمة فيه ولا اتزان في القول أو في العمل.

(هـ) ومن الصبر ضبط النفس عن الخوف لدى مثيرات الخوف في النفس؛ حتى لا يجبن الإنسان في المواضع التي تحسن فيها الشجاعة وتكون خيرًا؛ ويقبح فيها الجبن ويكون شرًا.

(و) ومن الصبر ضبط النفس عن الطمع لدى مثيرات الطمع فيها، حتى لا يندفع الإنسان وراء الطمع في أمرٍ يقبح الطمع فيه.

(ز) ومن الصبر ضبط النفس عن الاندفاع وراء أهوائها وشهواتها وغرائزها، كلما كان هذا الاندفاع أمرًا لا خير فيه.

(ح) ومن الصبر ضبط النفس لتحمل المتاعب والمشقات والآلام الجسدية والنفسية، كلما كان في هذا التحمل خيرٌ عاجلٌ أو آجل.

فضل الصبر:

وفضل الصبر
آتٍ من أنه تعبير عن قوة الإرادة، وعن كمال العقل، والبعد عن الطيش والرعونة، وتعبير عن الحكمة في معالجة مشكلات الحياة.

يضاف إلى ذلك
أنه في مستواه الرفيع ثمرة من ثمرات الفهم عن الله، وتدبر حكمته العظيمة في تصريف الأمور، وامتحان عباده في هذه الحياة، وثمرة من ثمرات الرضى عن الله فيما تجري به مقاديره، ولذلك كان الصبر ضياء، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي مالك الحارث الأشعري إذ قال:

والصبر ضياء

.  ونص الحديث بكامله:

الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها.  

ويضاف إلى ذلك أيضًا أنه السلاح الأقوى الذي يمكن صاحبه من إصلاح خصمه أو الظفر به، وأنه أعظم خلق نفسي وضع موضع الابتلاء في ظروف هذه الحياة الدنيا، ولذلك قال الله تعالى في سورة (آل عمران 3):

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)) ؟!