موسوعةالأخلاق الإسلامية-المحبة للآخرين(9- معاداة الشيطان وعدم موالاته)
الوصف
المحبة للآخرين
9- معاداة الشيطان وعدم موالاته
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الخامس: المحبة للآخرين >>
9- معاداة الشيطان وعدم موالاته
الشيطان هو المخلوق الذي تمثل فيه الشر بكل أنواعه وصوره، وقد جعل هذا المخلوق من نفسه مغويًا ومضلًا لبني آدم، وناصبهم العداء منذ عهد أبيهم آدم عليه السلام، فمن الطبيعي أن يحذروه ويتخذوه عدوًا، وذلك بأن يعلموا أنه عدو مبين لهم، ومتى عرفوا ذلك حذروا كل مكايده، ودسائسه، ووساوسه التي يوسوس بها في صدور الناس، والمؤمن يعرف مكايد الشياطين ودسائسهم ووساوسهم بأنها تدعو إلى مخالفة أوامر الله ونواهيه، والعدول عن المنهج القويم الذي رسمه لعباده.
من أجل ذلك حذرنا الله ورسوله من الشيطان، وأعلمنا الله بأنه عدو مبين لنا، وأمرنا بأن نتخذه عدوًا، ومتى اتخذناه عدوًا حذرناه ولم نواله، والنصوص الإسلامية في هذا كثيرة منها ما يلي:
1- قال الله تعالى في سورة (الإسراء 17):
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53))
ينزغ بينهم: يفسد بينهم.
2- وقال الله تبارك وتعالى في سورة (فاطر 35):
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6))
الغرور: الشيطان، وأطلق عليه هذا الوصف لأنه يغر كثيرًا بوساوسه، وبما يزين للناس فيها من الشر ومعصية الله.
ومن يستجيب لوساوس الشيطان فقد جعل نفسه من حزبه، والشيطان إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وهي نار جهنم الحامية.
3- وقال الله تبارك وتعالى في سورة (يس 36):
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62))
جبلًا كثيرًا: أي خلقًا كثيرًا.
فمن شأن العاقل إذا رأى عدوًا، وشاهد منه سوابق العداء لأهل جنسه أن يعاديه ويكون على حذر شديدٍ منه.
فمن استجاب للشيطان واتبع خطواته، فكان من المجرمين، ومات على ذلك، تلقى يوم القيامة هذا الخطاب: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ .... )؟ فقد جاء قبله في السورة نفسها: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فيأمرهم الله يوم القيامة بأن يمتازوا عن جموع الناس.
4- وقال الله تعالى موبخًا الذين يتخذون الشيطان وذريته أولياء من دونه في سورة (الكهف 18):
(أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50))
وهل تنفع موالاة غير الله وحزبه شيئًا؟ إنها لا تغني أصحابها من الله شيئًا، إن الشيطان يعدهم ويمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة (النساء 4):
(وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121))
وقد كثرت النصوص التي تحذر الناس من الشيطان وذريته وجنوده، ومن موالاتهم، وتأمرهم بأن يتخذوهم عدوًا، وبأن لا يتبعوا خطواتهم، حتى لا يضلوهم ولا يستدرجوهم إلى عذاب النار.
ولما كان إصلاح الشيطان أمرًا ميؤوسًا منه، كان اتخاذه عدوًا، ومعاداته لشره الذي لا يفارقه، شيئًا طبيعيًّا، وكانت مشاعر الكراهية هي الأصل في معاملته، ولا يخفى أنه بالنسبة إلى الناس كائن غير منظور، فهو ومفهوم الباطل والشر والفساد والضلال والإضلال سواء؛ لأنه يمثل الدعوة إليها ويجسد صورها في التخيل.