موسوعةالأخلاق الإسلامية-الدافع الجماعي(فوائد الجماعة)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الدافع الجماعي(فوائد الجماعة)
232 0

الوصف

                                                    الدافع الجماعي

                                                   فوائد الجماعة
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الرابع: الدافع الجماعي >>

2- فوائد الجماعة

غذى الإسلام الدافع الجماعي، وعمل على تنميته بين المسلمين، وحث على لزوم الجماعة، وحاول التخفيف من أنانية الإنسان وانعزاليته، وحذر من الانفرادية والفرقة، ما لم تفسد الجماعة فسادًا عامًا، لما في الدافع الجماعي ولزوم جماعة الخير من فوائد عظيمة، للفرد الإنساني، وللجماعة الإنسانية، ولما في الأنانية والانعزالية والانفرادية من مضار كثيرة، للفرد الإنساني وللجماعة الإنسانية.

إن جلائل الأعمال الكبرى لا تتحقق إلا عن طريق العمل الجماعي المنتظم المتعاون، بخلاف العمل الفردي فإنه لا يثمر في الغالب إلا أعمالًا تتناسب مع مستوى طاقات الأفراد شدة وضعفًا، والنزعة الانفرادية تنمو معها الرغبة القبيحة بتهديم أعمال الآخرين، حرصًا على الانفراد بمجد التقدير بين الناس، ومع هذه الرغبة القبيحة تتبدد الأعمال الفردية نفسها، أو تضيع ثمراتها، فتحرم الإنسانية بالانفرادية ثمرات الأعمال الجماعية، وكثيرًا من ثمرات الأعمال الفردية.

إن الارتباط بالجماعة والتعاون معها يضاعف مقادير القوة؛ لأن القوة المجتمعة تصمد أمام القوى الأخرى المعادية، بخلاف القوى الانفرادية المتناثرة، فإن أية قوة معادية مجتمعة تستطيع الظفر بها والتغلب عليها، ثم التحكم بمقاديرها، وإن كان قسم من القوى الانفرادية لو اجتمع لاستطاع صد القوة المعادية والتغلب عليها.

إن القوة الانفرادية زائد القوة الانفرادية تساويان مجتمعين أكثر منها متفرقتين، والسبب في ذلك أن القوى الانفرادية تتدخل فيها عوامل الوهن والتخاذل، فتبدد قسمًا كبيرًا منها، أو تحجبه عن الظهور والاستعمال، فتظهر قيمة القوة ذات نسبة ضعيفة، بخلاف هذه القوة إذا كانت مجتمعة مع غيرها، فإنها تقترن بعوامل الطمأنينة والأمل بالنجاح، فتشحن عن آخرها، وتضاف إليها قوى احتياطية لا تظهر إلا بتأثير عوامل قوية، وحينئذٍ تظهر قيمة القوة نفسها ذات نسبة عالية.

ومن فوائد الاجتماع تهذيب الأخلاق، والتدرب على كثير من الفضائل والآداب، واقتباس الثمرات المفيدة النافعة التي يتوصل إليها الآخرون، سواءٌ أكانت علمية أو عملية، والاجتماع يدفع إلى الحركة، ويطلق كثيرًا من الطاقات النفسية الكمينة.

بخلاف الانعزالية والانفراد، فإنه يميل بالإنسان إلى التوحش والحذر من كل شيء، ويغذي الأنفس بكثير من رذائل الأخلاق، إن المصاب بالانفرادية والانعزال نفورٌ أذيّ غضوب، لا يصبر على أي عمل يؤذيه أو يخالف هواه، ولا يستطيع أن يتكيف مع أية مجموعة بشرية يلتقي معها، ولا يستطيع أن يضغط على نفسه بشيء يخالف هواه، ليحسن معاشرة من يلتقي معهم من الناس. كيف يستطيع ذلك وأنانية الانفرادية الانعزالية هي الحاكمة عليه.

وفوائد الاجتماع هذه إنما تحصل بشرط أن يكون المجتمع مجتمعًا صالحًا، أو فيه نسبة من الصلاح كافية. أما إذا كان مجتمعًا سيئًا أو فيه نسبة كبيرة من السوء، فإن جفوته والاعتزال عنه خير وأفضل، وعلى العاقل في مثل هذا الوضع أن يتخذ لنفسه مجتمعًا محدودًا صالحًا يتعامل معه ويعيش في وسطه.