موسوعةالأخلاق الإسلامية-بواعث جحود الحق والكفر به مع ظهوره ووضوح أدلته(ضعف العقل وضعف الإرادة)
الوصف
بواعث جحود الحق والكفر به مع ظهوره ووضوح أدلته
ضعف العقل وضعف الإرادة
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الأول: حب الحق وإيثاره وظواهره السلوكية وأضداد ذلك >> 9- بواعث جحود الحق والكفر به مع ظهوره ووضوح أدلته >>
ضعف العقل وضعف الإرادة:
قد ينشأ من الضعف العقلي عقائد باطلة وأفكار منحرفة فاسدة، فتكون هذه العقائد والأفكار سدودًا في النفس تمنع من رؤية الحق المنير، فيجحد أصحابها الحق ويرفضون اتباعه والعمل به. وحين تغدو الأفكار والعقائد الباطلة مواريث قومية تأتي العصبيات وعوامل الإلف فتمكن لها في النفوس، فلو عرف أصحابها أنهم على باطل وخطأ لم يدعوها تعصبًا لها؛ لأنها قد غدت في تصوراتهم الفاسدة جزءًا من كيانهم، مع أن الإنسان العاقل المنصف اللألمعي نزاع إلى الحق دائمًا حيث كان الحق، ورجاع إليه ولو خالف نفسه وهواه.
وقد ينشأ من ضعف الإرادة أنها تستخذي أمام ذوي سلطة سياسية أو اجتماعية أو روحية، أو أمام شخصية قوية لها تأثير على نفوس الآخرين؛ وعندئذ تتعطل القوى الفكرية، ويغدو ضعفاء الإرادة إمعةً وأتباعًا لمن يستطيع أن يفرض سلطانه عليهم.
ومتى استسلم إنسان بإراداته لذي إرادة قوية، ومكنه من السيطرة عليه، استطاع ذو الإرادة القوية حينئذ أن يتلاعب بمفاهيم فريسته وعقائده وسلوكه على ما يشتهي ويهوى.
وبهذا السبب نلاحظ الجمهور الكبير من الأتباع الذي تعطلت إراداتهم الشخصية يعتقدون ما يمليه عليهم سادتهم وقادتهم، دون أن يعملوا أفكارهم ببحث حر، أو مناقشة منطقية سديدة، سواء أكان ذلك حقًّا أو باطلًا، خيرًا أو شرًا.
وسوف لن يغنيهم من الحق شيئًا يوم القيامة أن يقولوا: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) .
وينبئنا القرآن أن فرعون لما استطاع أن يؤثر على قومه بقوة إرادته ونفوذ سلطانه، استطاع أن يقول لهم كما جاء في سورة (غافر 40):
(مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)) .
ولما كان قوم فرعون في مستوى من الخفة وضعف الإرادة يستطيع معه أن يفرض عليهم طاعته، قال الله في شأنه وشأنهم في سورة (الزخرف 43):
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)) .
وضعفاء الرأي ضعفاء الإرادة يتخففون من مسؤولية البحث ورؤية طريقهم في الحياة، فيقولون: نحن مع الناس إن أحسنوا أحسنا، وإن أساؤوا أسأنا.
وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم من كان من هذا الصنف إمعة، روى الترمذي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا.
قال الترمذي: حديث حسن غريب.
فالإمعة: هو الذي لا رأي له ولا عزم، فهو يتابع غيره على رأيه، ولا يثبت على شيء.
وهذه من الصفات القبيحة الضارة في الإنسان، ومن الأخلاق التي لا يرضى الإسلام أن تكون من أخلاق المؤمنين به.