موسوعةالأخلاق الإسلامية-الأمانة(تعريف بالأمانة)
الوصف
الأمانة
تعريف بالأمانة
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الأول: حب الحق وإيثاره وظواهره السلوكية وأضداد ذلك >> 6- الأمانة >>
6- الأمانة
تعريف بالأمانة:
الأمانة أحد الفروع الخلقية لحب الحق وإيثاره، وهي ضد الخيانة.
والأمانة في جانبها النفسي خلق ثابت في النفس يعف به الإنسان عما ليس له به حق، وإن تهيأت له ظروف العدوان عليه دون أن يكون عرضة للإدانة عند الناس، ويؤدي به ما عليه أو لديه من حق لغيره، وإن استطاع أن يهضمه دون أن يكون عرضة للإدانة عند الناس.
فمن تهيأ له أن يهضم دينًا عليه دون أن يكون لدى الدائن ما يثبت به حقه، فعف عن ذلك ولم يفعل وأدى ما عليه من حق كاملًا غير منقوص فهو أمين حقًّا.
ومن تهيأت له فرصة اختلاس أموال غيره دون أن يشعر به أحد من الناس، ودون أن يكون عرضة لاكتشاف لصوصيته، فعف عن ذلك ولم يفعل، فإنما ذلك أثر من آثار الأمانة في نفسه.
ومن كان يؤدي الودائع التي عنده لأصحابها، مع أن أصحابها لا يملكون وثائق بها عليه، فهو أيضًا إنما يفعل ذلك بدافع خلق الأمانة الذي يتحلى به.
ولا تقتصر الأمانة على العفة عن الأموال، بل العفة عن كل ما ليس للإنسان به حق هي أيضًا داخلة في حدود الأمانة، أو أثر من آثارها.
فالعفة عن العدوان على الأعراض من الأمانة، والعفة عن العدوان على الحقوق العلمية من الأمانة، والعفة عن الغش وتطفيف الكيل والميزان من الأمانة، والعفة عن الغلول الغلول: هو العدوان على الأموال العامة للمسلمين. من الأمانة، وتبليغ الرسائل الكتابية أو اللفظية إلى أصحابها من الأمانة، وتأدية حق النصيحة لكل مسلم من الأمانة، وتأدية حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمانة. وتأدية العبد حق ربه عليه من الأمانة، كالعبادات المفروضة والطاعة الواجبة، وكف العبد نفسه عما حرم الله عليه من الأمانة؛ لأن العبد المكلف مستأمن على ما وضع الله بين يديه وما وضع تحت سلطته من أشياء، سواء أكانت داخلة في حدود ذاته أو خارجة عنها، فالحق في كل ذلك هو لله وقد استأمن الله عباده عليها، فأذن لهم بأشياء وحرم عليهم أشياء، فمن تجاوز حدود الإذن الإلهي فاعتدى على ما ليس به حق فقد خان الأمانة، فالطاعة لله من الأمانة، والمعصية لله من الخيانة.
ومن الأمانة إعطاء كل ذي حق حقه، فالعدل من الأمانة، والجور والظلم من الخيانة. ومن الأمانة الاهتمام بأن يحفظ المستأمنون ما تحت أيديهم من حقوق لغيرهم، حتى يؤدوها إلى أصحابها وهي على حالتها حينما استؤمنوا عليها، ما لم يكن مرور الزمن يغير منها بصفة طبيعية معلومة.
وهكذا تتعدد مجالات خلق الأمانة وتتسع دوائرها.
ولما كانت الأمانة مرتبطة بمبدأ الحق كان من يحب الحق ويؤثره يجد نفسه مدفوعًا لأن يكون أمينًا على حقوق الآخرين، وإن تحركت مطامعه أو شهواته للاستيلاء عليها.
والأمانة مصدر كالأمان، والأمان من الأمن وهو ضد الخوف، وحين تنعدم مسببات الخوف يحصل الأمان في النفوس. ولما كان الأمين إنسانًا مأمون الجانب لا يخشى عدوانه على حقوق غيره كانت ساحته ساحة أمان، ليس فيها أي مثير للخوف على المال، أو على العرض، أو على الحياة، ولذلك سميت الخصلة التي يتحلى بها الأمين على حقوق الآخرين أمانة، ولما كانت هذه الخصلة داخلة في ميدان الأخلاق كانت إحدى الفروع الأخلاقية، ولما كان أساسها الحق كانت إحدى الفروع الخلقية لحب الحق وإيثاره.
وقد ظهر لنا من تعريف الأمانة أنها تشتمل على ثلاثة عناصر:
الأول:
عفة الأمين عما ليس له به حق.
الثاني:
تأدية الأمين ما يجب عليه من حق لغيره.
الثالث:
اهتمام الأمين بحفظ ما استؤمن عليه من حقوق غيره، وعدم التفريط بها والتهاون بشأنها.