موسوعةالأخلاق الإسلامية-النفاق(عقاب المنافقين في الآخرة)
الوصف
النفاق
عقاب المنافقين في الآخرة
الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الأول: حب الحق وإيثاره وظواهره السلوكية وأضداد ذلك >> 4- النفاق >>
عقاب المنافقين في الآخرة:
تطبيقًا لسنة الجزاء الرباني الذي هو من جنس العمل، يلقى المنافقون يوم القيامة عذابهم في صورة تشبه عملهم في الدنيا، إنهم يوم القيامة في الظلمات لا نور لهم؛ لأنهم كانوا محرومين من نور الإيمان الصادق في الدنيا، ويرون المؤمنين يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، يهديهم إلى الجنة دار النعيم، فيحاول المنافقون السير في نور المؤمنين كما كانوا في الدنيا يسيرون معهم نفاقًا، إلا أنهم لا يستطيعون مسايرتهم، يثقلهم كفرهم، ويظلم عليهم ما قدموا من سيئات، فيقولون للذين آمنوا: انتظرونا لنقتبس من نوركم، فيقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا من أعمالكم الصالحات، فإذا التفتوا وراءهم ضرب بينهم وبين المؤمنين بسورٍ له باب لا يدخله إلا الذين آمنوا، وهذا السور له باطن وظاهر، أما باطنه وهو ما يقع في جهة المؤمنين ففيه الرحمة، فيه دار النعيم، جنات تجري من تحتها الأنهار، وأما ظاهره وهو ما يقع في جهة الكافرين والمنافقين فيأتي من قبله العذاب، عذاب نار جهنم.
فينادي المنافقون من ظاهر السور المؤمنين وهم في باطنه: ألم نكن معكم في الدنيا فلماذا لا نكون معكم في الآخرة؟.
فيقول لهم المؤمنون: بلى، كنتم معنا في الظاهر، ولكن لم تكونوا معنا في الحقيقة، لقد فتنتم أنفسكم بالكفر، وتربصتم في مواقع الكافرين، وارتبتم فيما أنزل الله على رسوله، وغرتكم الأماني التي كنتم تتمنونها بسلوككم مسلك النفاق، ولبثتم على حالتكم هذه حتى جاءكم الموت، وأنتم مغترون بوساوس الشيطان.
وفي بيان هذا الذي يكون لهم، وحكاية هذا الحوار الذي يجري بينهم وبين المؤمنين يوم القيامة، يقول الله تعالى في سورة (الحديد 57):
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)) .
وإذ يدخلون النار يدفعون إلى الدرك الأسفل منها؛ لأن كفرهم قد صاحبه مخادعة للمؤمنين ومكر بهم، فهم بسبب هذا أسوأ حالًا من الكافرين الصرحاء المجاهرين في كفرهم. وفي بيان مصيرهم إلى الدرك الأسفل من النار يقول الله تعالى في سورة (النساء 4):
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)) .