موسوعةالأخلاق الإسلامية-النفاق(من علامات المنافقين في بيان الرسول)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-النفاق(من علامات المنافقين في بيان الرسول)
218 0

الوصف

                                                                 النفاق

                                                 من علامات المنافقين في بيان الرسول
                     الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الأول: حب الحق وإيثاره وظواهره السلوكية وأضداد ذلك >> 4- النفاق >>

من علامات المنافقين في بيان الرسول صلى الله عليه وسلم:

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.

وفي رواية:

وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.

وفي رواية:

وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر.

اشتمل هذا الحديث على التحذير من أمور هي من رذائل الأخلاق، وهي من علامات المنافقين؛ لأنها من صفات النفاق:

الرذيلة الأولى:
الكذب.

الرذيلة الثانية:
إخلاف الوعد.

الرذيلة الثالثة:
خيانة الأمانة.

الرذيلة الرابعة:
الغدر.

الرذيلة الخامسة:
المخاصمة الفاجرة.

ودل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم على أن من اجتمعت فيه هذه الرذائل كانت علامات دالة على أنه منافق، أي لم يدخل الإيمان الصادق إلى قلبه، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.

وحين نكتشف رذائل المنافق عن طريق التحليل نجد أن أبرزها وأخطرها وأخبثها هي هذه الرذائل.

فأول رذيلة خلقية يلجأ إليها المنافق ليستر كفره وعدم استجابته لنداء الإيمان، هي رذيلة الكذب، فهو يتظاهر بأنه مسلم، فيعلن ذلك بلسانه، ويشهد الله على ما في قلبه، وهو في ذلك كاذب، يتنازعه عاملان نفسيان هما الخوف والطمع. وطبيعي أن تكون هذه الرذيلة علامة يسجلها الراصد على الشخص الذي يدنس نفسه وسلوكه بها، ليستدل منها على نفاقه، أو على وجود خصلة فيه من خصال النفاق، ومن لا يكون كذابًا لا يعرف كيف ينافق.

والرذيلة الخلقية الثانية التي يلجأ إليها المنافق هي رذيلة إخلاف الوعد، وإخلاف الوعد قد يكون صورة من صور الكذب، وذلك إذا كان الإخلاف مقصودًا عند إعطاء الوعد، إذ يكون إخبارًا كاذبًا عما يريد فعله في المستقبل، فيقول: سأفعل كذا وهو يريد أن يفعل خلافه، فهو كاذب منذ إعطاء الوعد، أما إذا كان الإخلاف غير مقصود عند إعطاء الوعد فإنه يكون حينئذ من قبيل عدم حفظ ما استؤمن عليه، وعدم تنفيذ ما التزم به تجاه الآخرين.

وكون الإخلاف بالوعد من علامات النفاق، يظهر لنا حينما نلاحظ أن طبيعة النفاق تلجئ المنافق إلى أن يعد مواعيد لا يريد ابتداءً الوفاء بها، ولكن مقتضى ما زعم بأنه مسلم يفرض عليه أن يتابع ستر نفاقه بإعطائه الوعود الكاذبة، حتى إذا حان موعد الوفاء تهرب منه محاولًا ستر نفسه بالمعاذير الكاذبة، هذا إذا ظل مضطرًا إلى التظاهر بخلاف حقيقته، أما إذا ذهبت هذه الضرورة فإنه يعلن بوقاحة أنه كان كاذبًا، وأنه ما كان في الأصل يريد الوفاء بوعده.

والمنافق أيضًا حينما يشهد شهادة الإسلام فإنه يعطي عهدًا ووعدًا بالتزام أحكام الإسلام وشرائعه ضمن شهادته، وكل ذلك كذب لا يريد من قلبه الوفاء به، ولكنه يريد أن يخادع به المسلمين.

والرذيلة الخلقية الثالثة التي هي من علامات النفاق هي رذيلة خيانة الأمانة. ومن الطبيعي أن يكون المنافق خائنًا فيما يستأمن عليه، إذ يزعم أنه أحد القوم، وأنه عضو من أعضائهم، وأنه موالٍ لهم ومناصر وهو في حقيقة حاله على خلاف ذلك. وحينما يتظاهر بانتسابه وولائه للقوم وأنه عضو من أعضائهم، فإنه يضع نفسه موضع المستأمن على أموالهم وأعراضهم، وأسرارهم وجميع مقدراتهم؛ ومن الطبيعي أن يستسلم القوم لمن أصبح عضوًا منهم، فيستأمنوه على أمورهم العامة، وكثير من أمورهم الخاصة، مع أنه في حقيقة أمره منافق، وهو عدو لمن نافق لهم، يضمر لهم المكايد ويدبر لهم الدسائس، ولذلك كان من الطبيعي أن يستغل استئمانهم له واستسلامهم لولائه، فيخونهم ويغدر بهم.

فالخيانة رذيلة من الرذائل التي ترافق النفاق وتصاحبه في أحوال كثيرة، ولذلك كانت من العلامات الدالة عليه.

وحينما تجتمع في الإنسان رذائل الكذب والإخلاف في الوعد والخيانة عند الاستئمان، فإن أبرز خصائص النفاق تكون مجتمعة فيه.

وحينما يهون على الإنسان اجتماع هذه الرذائل كلها في أخلاقه، فإن انغماسه في أرجاس النفاق بكل خصائصه يكون أمرًا هينًا عليه، ولا يمنعه منه مانع أخلاقي؛ لأنه إنسان لا يملك من فضائل الأخلاق ما يصده عن النفاق.

والرذيلة الخلقية الرابعة التي هي من علامات النفاق هي رذيلة الغدر، وطبعي في المنافق أن يكون غدارًا؛ لأنه يعاهد كاذبًا، فمتى سنحت له فرصة الغدر غدر.

والرذيلة الخلقية الخامسة التي هي من علامات النفاق هي أنه إذا خاصم فجر، أي اتخذ كل الوسائل الفاجرة ومنها الأيمان الكاذبة الفاجرة، ليغلب خصمه بالباطل. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.