موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(17- ويقولون هو أذن قل أذن خيرٍ لكم)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(17- ويقولون هو أذن قل أذن خيرٍ لكم)

الوصف

                                                               خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                17- ويقولون هو أذن قل أذن خيرٍ لكم
                     الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

17- ويقولون هو أذن قل أذن خيرٍ لكم

وعلم الله رسوله أدب رد الأقوال المؤذية التي تقال فيه، بصرفها عما يريد المؤذون إلى معانٍ صالحة لا أذى فيها.

وهذا من رفيع الأدب الذي يعبر عن كمالٍ خلقي أصيل في النفس، إذ لا يدفع السيئة بمثلها، بل يدفع السيئة بالتي هي أحسن.

فمن ذلك مقالة المنافقين فيه: هو أذن، أي هو يتبع ما يقال له دون تحقيق ولا تمحيص ولا تفكير فيه، فيجوز عليه الكذب والخداع وما يقال له من كذب يصدقه. فعلمه الله الرد المهذب المليء بالأدب الرفيع، الخالي من الانفعال والتأثر الغضبي، فقال له: قل: أذن خير لكم، أي لا أذن شر. أي: نعم هو يسمع من الناس أقوالهم بإقبال وسماحة نفس وحسن إصغاء لمن يحدثه، وهذا من أدبه وكمال خلقه، ولكنه لا يكون منه بعد ذلك إلا الخير، فمن كذب عليه ليوقع بإنسان سوءًا، أو ليدفعه إلى تصرف فيه شر أو ضر أو أذى، لم يتأثر به ولو استمع له؛ لأنه لا يعمل شيئًا من ذلك إلا وهو على بينة من أمره، فإن جاءه فاسق بنبأ لم يأخذ به حتى يتبين، وإن كذب عليه منافق معتذرًا عما كان منه من تخلف عن واجب قبل منه ظاهره وهو يعلم أنه كاذب؛ لأن الله تعالى أمره أن يعامل المنافقين بحسب ظاهرهم، وأن يكل سرائرهم إلى بارئهم، حتى يكشفوا صفحة نفوسهم، ويظهروا ما يكنون بأقوالهم أو بأعمالهم.

وإذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك فهو أذن خيرٍ لا أذن شر، مستمعٌ مهذب لجليسه ومحدثه ذو خلق عظيم، وعاقل حازم بصير بأمره ذو تصرف حكيم.

وفي ذلك قال الله تعالى في سورة (التوبة 9):

(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)) .

أي ومن المنافقين فريق يؤذون النبي ويقولون عنه: هو أذن يسمع ما يقال له فيجوز عليه الكذب والخداع.

قل يا محمد: هو أذن خير لكم، لا أذن شر، يؤمن بالله فيتقيد بما أمره الله به، ومن ذلك معاملة المنافقين على حسب ظاهرهم، وإن كان يعلم أنهم منافقون، فالوحي قد كان يكشف له المنافقين بأسمائهم وأعيانهم، وهو أيضًا يؤمن للمؤمنين فيصدقهم لأنهم مؤمنون لا يكذبون، ولكنه لا يؤمن للمنافقين ولا الفاسقين. وهو رحمة للذين آمنوا؛ لأنهم هم الذين حملوا أوعيتهم واغترفوا من بحره، أما المنافقون الذين يؤذون رسول الله فلهم عذاب أليم.