موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(15- وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(15- وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم)

الوصف

                                                              خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                       15- وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم
                       الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

15- وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم

ومما أدب الله به رسوله أن يتخلق بخلق العدل في الحكم، والعدل في الحكم يكون بالحكم بما أنزل الله، فهو الصورة المثلى لتحقيق العدل، أو لتحقيق أقرب الأحكام إلى العدل، مما يستطيع الناس الوصول إليه.

ومجانبة العدل في الحكم إنما تكون باتباع الهوى، أو بترك الحكم بما أنزل الله، وجنوح الفكر عن سواء السبيل.

ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم مطهرًا من الهوى الذي يميل به إلى الحكم بغير ما أنزل الله، نهاه الله عن أن يتبع أهواء الناس على سبيل المداراة لهم لجلبهم إلى الإسلام، أو لتأليف قلوبهم، فأنزل عليه قوله في سورة (المائدة 5):

(وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)) .

وقبل هذا حذر الله رسوله تحذيرًا عامًا من اتباع أهواء اليهود والنصارى، تأديبًا له على خلق الثبات على الالتزام التام بما ينزل الله عليه، فقال له في سورة (البقرة 2):

(وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120)) .

ثم أنزل عليه قوله في سورة (الرعد 12):

(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ (37)) .

وكل هذا في العهد المدني، أما في العهد المكي فقد تنزلت عليه نصوص التأديب في هذا المجال على الوجه التالي:

نزل عليه قول الله تعالى في سورة (الأنعام 6):

(قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)) .

وقوله فيها أيضًا:

(وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)) .

ثم أنزل الله عليه قوله في سورة (الجاثية 45):

(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)) .

وما أدب الله به رسوله هو من الأخلاق الواجبة على كل قاضٍ وحاكم، وعلى كل داعٍ إلى الله.