موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(9- ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(9- ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم)
130 0

الوصف

                                                              خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                  9- ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم
                                      الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

9- ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم

ومما أدب الله به رسوله أن يتحلى بخلق العفة عما في أيدي الناس من زهرة الحياة الدنيا، وأن يقنع بما قسم الله له ولا ينظر إلى ما آتى الله عباده من ذلك مهما كان شأنه.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أدبه أعف خلق الله عما في أيدي الناس، وعن الدنيا بما فيها، وعرضت عليه زينتها فأباها.

وفي تأديب الله لرسوله بهذا الأدب أنزل عليه في المرحلة المكية قوله في سورة (الحجر 15):

(لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ (88)) .

أزواجًا منهم: أي أصنافًا منهم، وهم أهل الغنى والثراء والمترفون.

فلم يمد الرسول صلى الله عليه وسلم عينه إلى شيء مما آتى الله الناس من متاع الحياة الدنيا، وحول نظره إلى ما ادخر له في الفردوس الأعلى من مقامٍ كريم ونعيم مقيم، ولم يكن يتمنى لنفسه شيئًا مما في أيدي الناس من متاع الحياة الدنيا، تخلقًا بما أدبه الله به.

ثم أنزل الله عليه في المرحلة المدنية قوله الذي في سورة (طه 20):

(وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)) .

فهذه الآية مدنية مع أن السورة في معظمها مكية، وقد أبان الله في هذه الآية أن متاع الحياة الدنيا وزهرتها مما يعطيه الله بعض عباده ليبتليهم فيه، أي وليس هو تكريمًا لهم ولا تشريفًا، ثم قال له: (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) .

وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما حلف على نسائه أن لا يقربهن شهرًا، اعتزل في غرفة صغيرة ليس فيها شيءٌ من متاع الحياة الدنيا، فدخل إليه عمر بن الخطاب فرآه متوسدًا على حصير، فابتدرت عينا عمر بالبكاء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما يبكيك يا عمر؟

فقال: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت صفوة الله من خلقه، فقال:

أوفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا.

وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض.

وروى مسلم عن النعمان بن بشير قال: لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه.

الدقل: تمرٌ رديء.