موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(8- واخفض جناحك للمؤمنين)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(8- واخفض جناحك للمؤمنين)
106 0

الوصف

                                                               خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                    8- واخفض جناحك للمؤمنين
                                  الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

8- واخفض جناحك للمؤمنين

مما أدب الله به رسوله أن يتحلى بخلق التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، فالتواضع يتألف القلوب، ويملكها بالمحبة، لا سيما إذا كان من عظيم القوم لأتباعه وجنوده والمنتمين إليه. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم –كما أدبه الله- متواضعًا خافض الجناح لين الجانب، إذا جلس بين أصحابه كان كأحدهم، فيأتي قاصده فلا يعرفه فيقول: أيكم محمد، وإذا سار مع أصحابه كان كأحدهم، لا يتعالى ولا يترفع عليهم، ولا يعطي لنفسه امتيازًا إلا ما تقتضيه طبيعة القيادة والأمر والنهي.

وفي تأديب الله لرسوله بهذا الأدب قال الله له في سورة (الشعراء 26):

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)) .

ثم قال له في سورة (الحجر 15):

(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)) .

وهذا الأمر الثاني أوسع دائرة من الأمر الأول؛ لأنه قد شمل كل المؤمنين، ولو اقتضت ظروف بعضهم أن يخفي أمره أمام المشركين، ولا يعلن اتباعه، ومجاهرة المشركين بالانفصال عنهم والانحياز الكامل لصف الرسول صلى الله عليه وسلم. والنصان مكيان إلا أن سورة الشعراء أسبق نزولًا من سورة الحجر، وفي هذا التأديب تدرج في مراتب الكمال.

ومن تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده عن كل مظاهر الكبر والاستعلاء، ما رواه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار، لقد رأيته يوم خيبر على حمارٍ خطامه ليف.

وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته، وقالت: كان بشرًا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه.

وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد.

وروى البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله –تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.

وروى البخاري عن أنس قال: كانت أمة من إماء أهل المدينة تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.

وروى مسلم عن أنس أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال:

يا أم فلان، انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك

                                                        فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها.

وروى الترمذي عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صافح الرجل لم ينزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون هو الذي يصرف وجهه عن وجهه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له.

وروى النسائي والدارمي بإسناد صحيح عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي الحاجة.