موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(6- ولربك فاصبر)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(6- ولربك فاصبر)
180 0

الوصف

                                                              خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                             6- ولربك فاصبر
                                             الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

6- ولربك فاصبر

1- بهذا السلوك الخلقي وهو الصبر أمر الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، في نحو عشرين موضعًا من القرآن الكريم، منها قول الله في سورة (المدثر 74):

(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)) .

أي: لابتغاء مرضاة ربك وحده فاصبر.

2- ولما واجهه الذين كفروا بالتكذيب والاتهام بأنه شاعر وساحر وكاهن ومجنون، أمره الله بأن يصبر على ما يقولون فقال له في سورة (المزمل 73):

(وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً (10)) .

وقال له في سورة (ق 50):

(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)) .

وقال له في سورة (ص 38):

(اصْبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) .

وقال له في سورة (طه 20):

(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)) .

وقال له في سورة (الطور 52):

(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)) .

فأعطاه الله مع هذه الأوامر بالصبر على ما يقول الذين كفروا، عظة التأسي بمن سبقه من الرسل، ودواء نفسه وقلبه، والسلوك الخلقي الذي يعامل به المكذبين الذين يجرحونه بألوان الاتهامات ويشتمونه بمختلف الشتائم، ثم وعدًا ضمنيًّا بالحفظ والنصر.

(أ) ففي التأسي قال الله له:(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأيْدِ) .

(ب) وفي مداواة نفسه وقلبه أمره بأن يسبح بحمد ربه، قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، ومن آناء الليل، وأطراف النهار، وأدبار السجود، ففي هذا التسبيح علاج روحي ونفسي عميق، يفصله عن آلام الأرض ومتاعبها، ويشد صلته بالله، ويزيد من مراقبته له، فيفرغ الله عليه بذلك الطمأنينة والسكينة، وراحة النفس والقلب وسعادتهما.

(ج) وفي توجيهه إلى السلوك الخلقي الذي يعامل به المكذبين قال له: (وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً ) أي: لا تقابلهم بالمثل، ولكن أعرض عن مجالس شتائمهم برفق، لتعود إلى نصيحتهم وكأنك لم تسمع منهم شيئًا يؤذيك.

(د) وفي الوعد الضمني بالحفظ والنصر قال الله له: (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) وقال له: (لَعَلَّكَ تَرْضَى) .

3- وصبر الرسول، واتبع ما أمره الله به، ولكن تطلعت نفسه سائلة وماذا بعد الصبر؟ فقال الله له في سورة (هود 11):

(فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)) .

(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)) .

4- وجحد الذين كفروا بعذاب يوم الدين فأمر الله رسوله بأن يصبر عليهم صبرًا جميلًا، فقال له في سورة (المعارج 70):

(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)) .

5- وأمعن المكذبون بالرسول في تكذيبه، حتى طلبوا منه تعجيل العذاب لهم، إن كان صادقًا، فأمره الله بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ونهاه عن أن يستعجل لهم العذاب، فقال له في سورة (الأحقاف 46):

(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ... (35)) .

ونهاه أيضًا عن أن يكون كصاحب الحوت الذي استعجل لقومه العذاب، وهو يونس عليه السلام، فقال له في سورة (القلم 68):

(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ .... (48)) .

6- واشتد حرص الرسول على هداية من أصر على الكفر من قومه، وبلغ الحرص في نفسه مبلغ الحزن عليهم من جهة، وضيق الصدر من مكرهم من جهة أخرى، فقال الله له في سورة (النحل 16):

(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128)) .

7- وحاول الذين كفروا والمنافقون أن يثنوا الرسول عن بعض ما أنزل إليه، فقال الله له في سورة (الإنسان 76):

(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26) إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً (27)) .

8- وطال مدى الصبر، وتساءلت نفس الرسول ونفوس الذين آمنوا معه، متى يتحقق وعد الله بالنصر؟ فقال الله له في سورة (الروم 30):

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ (60)) .

وقال له في سورة (غافر 40):

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (55)) .

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77)) .

9- فلقد كان في خلق الرسول الذي فطر عليه خلق الصبر، الذي كان يظهر في تحمله، وحلمه، وأناته. وزاد هذا الخلق ونما في نفس الرسول، بألوان التربية التي أدبه الله بها، وبالتجارب الكثيرة التي مارسها في حياته صلوات الله عليه، فكان أعظم قدوة حسنة للناس في فضيلة خلق الصبر.

وعن خلق الصبر تظهر فضائل كثيرة من فضائل السلوك الخلقي.