موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(4- والرسول يدعوكم في أخراكم)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(4- والرسول يدعوكم في أخراكم)
129 0

الوصف

                                                               خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                        4- والرسول يدعوكم في أخراكم
                                       الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

4- والرسول يدعوكم في أخراكم

وألمح القرآن إلى شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وثباته في مواقف البأس الشديد، ففي معركة أحد لما تحولت رياح النصر لصالح المشركين، بسبب مخالفة كتيبة الرماة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ رأوا أن المسلمين انتصروا وأن المشركين انهزموا، وطمعوا بالغنائم، وتركوا مواقعهم، عندئذ باغتهم المشركون من خلفهم، وفزع المسلمون، واضطربوا، وانهزموا متجهين إلى المرتفعات، يصعدون ولا يلوون على أحد، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت معه إلا قلة، قال البراء بن عازب فيما رواه الإمام أحمد: "فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلًا" وقال ابن مسعود: "فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به، أفرد النبي صلى الله عليه وسلم في تسعة، سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، وهو عاشرهم" وقتل الأنصار السبعة دونه، وكذلك روي عن أنس بن مالك. والقرشيان هما طلحة وسعد بن أبي وقاص وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس:

إلي عباد الله، إلي عباد الله.

وروت عائشة أم المؤمنين عن أبيها رضي الله عنهما قال: "كنت أول من فاء يوم أحد".

وفي ذكر هذه الحادثة قال تعالى في سورة (آل عمران 3):

(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ... (153)) .

ومن شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة، ما ذكر محمد بن إسحاق قال: لما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه (أبي بن خلف) وهو يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله يعطف عليه رجل منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

دعوه

فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم كما ذكر لي: فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارًا.

وعن عروة بن الزبير أن أبي بن خلف طعنه الرسول صلى الله عليه وسلم بحربته، فوقع إلى الأرض عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أجزعك إنما هو خدش!! فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

بل أنا أقتل أُبَيًّا

ثم قال: والذي نفسي بيده، لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، فمات إلى النار (فَسُحقًّا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ) .

وثبت الرسول صلى الله عليه وسلم يوم حنين، لما انهزم المسلمون عنه أول الأمر، إذ باغتتهم هوازن وثقيف من مكامنها في الشعاب والمضايق، ولم يثبت مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا قليل من الآلاف الاثني عشر.

قال ابن إسحاق: وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال:

أين أيها الناس؟! هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله.

وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.

وعن العباس بن عبد المطلب قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس:

أين أيها الناس؟!

فلم أر الناس يلوون على شيء، فقال:

يا عباس، اصرخ، يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السمرة

قال: فأجابوا لبيك، لبيك.

وفي بيان شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وثباته في مواقف البأس الشديد، قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: كنا إذا احمرت الحدق، وادلهم الخطب، لذنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب منه إلى العدو.

وروى البخاري ومسلم عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم –وقد سبق الناس إلى الصوت- وهو يقول:

لن تراعوا، لن تراعوا

وهو على فرسٍ لأبي طلحة عريٍ ما عليه سرجٌ، وفي عنقه سيف، فقال:

لقد وجدته بحرًا.

أي وجدت الفرس سريعًا سباقًا.