موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(3- إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية:خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية(3- إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم)
112 0

الوصف

                                                               خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية

                                                                   3- إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم
                                         الباب الثالث: الرسول ذو الخلق العظيم وتربية القرآن له في مجال السلوك الخلقي >> الفصل الأول: خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن وصفًا وتربية >>

3- إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم

ووصف الله رسوله بأنه كثير الحياء، يناله ما يؤذيه من أصحابه، فيستحيي أن يجرح مشاعرهم بأن يكفوا عما يؤذيه منهم، إذ يتعلق الأمر بذات نفسه صلوات الله عليه، فمن ذلك أن بعضهم كان يثقل على الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يجلس عنده في بيت من بيوته، منتظرًا وقت حضور الطعام، أو مستأنسًا بالحديث بعد الطعام، ويكون الرسول في حاجة إلى أن ينصرف إلى أهله أو إلى بعض شؤونه الخاصة، فيستحيي أن يطلب من الثقلاء أن ينصرفوا ويدعوه لشأنه الخاص.

وفي هذا أنزل الله تعالى قوله يخاطب الذين آمنوا في سورة (الأحزاب 33):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ .... (53)) .

غير ناظرين إناه: أي غير منتظرين وقت تناوله، أو وقت نضجه.

ولا مستأنسين لحديث: يظهر لي أنه معطوف على محذوف، أي: لا متثاقلين ولا مستأنسين لحديث.

روى البخاري عن أنس بن مالك قال: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام، قام من قام وقعد ثلاثة نفر. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل، فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا فانطلقوا، فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا .... )الآية.

فعلم الله الذين آمنوا ما يجب عليهم من أدب نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبان لهم خلقًا عظيمًا من أخلاق الرسول، وهو خلق الحياء، فهو يستحيي أن يجرح مشاعرهم، ولو كان ذلك في مقابل ما يكون منهم من عمل يؤذيه.

وجاء في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم على لسان أصحابه رضوان الله عليهم، أنه كان شديد الحياء، فكان أشد حياءً من العذراء في خدرها. روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه.