موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في الإنسان بوجه عام(13- الإنسان يتبع الظنون والأوهام لتحقيق أمانيه)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في الإنسان بوجه عام(13- الإنسان يتبع الظنون والأوهام لتحقيق أمانيه)
114 0

الوصف

                                                              الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في الإنسان بوجه عام

                                                                 13- الإنسان يتبع الظنون والأوهام لتحقيق أمانيه
                                                 الباب الثاني: الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية >> الفصل التاسع: في الإنسان بوجه عام >>

13- الإنسان يتبع الظنون والأوهام لتحقيق أمانيه

في سياق الكلام على المشركين يقول الله تعالى في سورة (النجم 53):

(إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)) .

ففي هذا النص يبين الله تبارك وتعالى مدى تأثير دوافع الإنسان وأهوائه وشهواته في رسم أمانيه، ولو كانت هذه الأماني تخالف الحق والواقع، أو تنافي السلوك الواجب الذي يحقق للإنسان السلامة والنجاة والعاقبة السعيدة، ولو كانت هذه الأماني تنشد المستحيل وتتعلق به.

ولذلك قال تعالى على سبيل الاستفهام التعجبي الإنكاري: (أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى) ؟! أي لا يمكن أن يخضع الحق والواجب لأماني الإنسان، التي هي صور نفسية لديه، ترسمها دوافعه وغرائزه وأهواؤه وشهواته.

والإنسان حينما يريد تحقيق أمانيه في قضايا الحق والباطل، يتبع الظن الضعيف الذي لا تدعمه أدلة فكرية، ولا أدلة حسية، ولا أدلة خبرية صحيحة، ثم يجعل الظن الضعيف حقيقة يعتقدها؛ لأن أمانيه تعلقت بها بتأثير دوافعه وأهوائه وشهواته. وحينما يريد تحقيق أمانيه في قضايا السلوك يحاول أن يتخذ المبررات لما تهوى نفسه، ثم يجعل ما يهواه خيرًا وإن كان في حقيقة أمره شرًا.

ثم هو من أجل تحقيق أمانيه يغمض عينيه عن كل هداية تأتيه، فتكشف له الحق، وتبين له طريق النجاة والسعادة، ولذلك قال الله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) عقب قوله: (إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ) .

فهم يهجرون الهداية الواضحة التي جاءتهم من ربهم، سواء منها ما يتعلق بجانب الاعتقاد أو بجانب السلوك، ويغمضون أعينهم عما في هذه الهداية الربانية من حق وخير ونجاة وسعادة لهم، ثم يتبعون الظن الضعيف وما تهوى أنفسهم، ويرسمون من ذلك أماني يطمعون بتحقيقها، مع أنها لا تتحقق؛ لأن الجانب الاعتقادي منها باطل، والباطل لا يتحول حقًّا بالأماني، ولأن الجانب العملي منها ممارسة للشر، والشر لا يكون خيرًا بالأماني.

والنجاة من العقاب لا تأتي بمجرد الأماني.

ودخول الجنة لا يأتي بمجرد الأماني.

والباطل لا يصير حقًّا بالأماني.

والحق لا يصير باطلًا بالأماني.

والشر لا يصير خيرًا بالأماني.

(أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى )؟!.