موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس((هـ) ونفس الإنسان كاسبة لأعمال الخير ولأعمال الشر)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس((هـ) ونفس الإنسان كاسبة لأعمال الخير ولأعمال الشر)
160 0

الوصف

                                                              الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس
                                                          (هـ) ونفس الإنسان كاسبة لأعمال الخير ولأعمال الشر
                                    الباب الثاني: الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية >> الفصل الثاني: في النفس بوجه عام >>

(هـ) ونفس الإنسان كاسبة لأعمال الخير ولأعمال الشر:

وأثبت القرآن أن النفس الإنسانية كاسبة لما يصدر عن الإنسان من أعمال خير، وأعمال شر، وأن الله يعلم ما تكسب كل نفس، قال الله تعالى مبينًا علمه بما تكسب كل نفس في سورة (الرعد 13):

(يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)) .

وقال فيها أيضًا:

(أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ.... (33)) .

وأثبت القرآن أن الإيمان من أعمال النفوس الإنسانية، قال الله تعالى في سورة (الأنعام 6):

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)) .

وقال الله تعالى في سورة (يونس 10):

(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (100)) .

ولما كانت الغاية من خلق الإنسان في هذه الحياة الدنيا امتحانه، وكانت أعماله فيها مظهرًا لما تكسبه نفسه، وكان عدل الله يقضي بتوفيته جزاءه، كان لا بد من وجود آخرة توفى فيها كل نفس ما كسبت، قال الله تعالى في سورة (البقرة 2):

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281)) .

وقال الله تعالى في سورة (آل عمران 3):

(فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (25)) .

ونظيرها قول الله تعالى في سورة (الزمر 39):

(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)) .

وقال الله تعالى في سورة (الأنعام 6):

(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)) .

لذلك كانت العقوبات المعجلة التي تنزل بالإنسان، إنما تنزل به بسبب من نفسه، أي: بما كسبت نفسه من ذنوب، قال الله تعالى في سورة (النساء 4):

(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ .... (79)) .

ونظيرها قول الله تعالى في سورة (آل عمران 3):

(أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)) .

فالنفس العاقلة هي التي تحسب حساب المستقبل فتنظر ماذا قدمت له، وتجتهد في تقديم الأعمال الصالحة، حتى تنال الأجر العظيم عند الله، قال الله تعالى في سورة (الحشر 59):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)) .

وأثبت القرآن أن كل نفس تكون يوم القيامة رهينة بما كسبت، حتى تحاسب ويقرر مصيرها، إلا أصحاب اليمين، فهم في جنات يتساءلون عن المجرمين، يقولون لهم: ما سلككم في سقر؟ قال الله تعالى في سورة (المدثر 74):

(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)) .

وطبيعي أن تجد يوم القيامة كل نفس ما عملت من خير أو شر محضرًا مسجلًا؛ لأن ذلك هو المستند لمحاسبتها، قال الله تعالى في سورة (آل عمران 3):

(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)) .

وهنالك تظهر كل نفس ما أسلفت من عمل في الحياة الدنيا، قال الله تعالى في سورة (يونس 10):

(هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)) .

فالنفس الظالمة حين تجد هول عقابها، تتمنى لو أنها تملك ما تفتدي به، لافتدت به، ولو كان ما في الأرض جميعًا، قال الله تعالى في سورة (يونس 10):

(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (54)) .

وتحقيقًا لقواعد العدل الربانية تعطى يوم القيامة كل نفس حق الدفاع عما كسبت، قال الله تعالى في سورة (النحل 16):

(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)) .

ولما كان لدى كل نفس في فطرتها القدرة على تقويم أعمالها، ومحاسبة نفسها، نظرًا إلى أنها بصيرة بحقيقة ما عملت، فإنها تعطى كتاب عملها، لتقرأه، وتحاسب نفسها محاسبة ذاتية، قال الله تعالى في سورة (الإسراء 17):

(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)) .

ألزمناه طائره: ألزمناه عمله الإرادي الذي يصدر عنه.

وتسجيل أعمال النفس في الحياة الدنيا يقتضي أن تكون موضوعة موضع المراقبة الدائمة، قال الله تعالى في سورة (ق 50):

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)) .

أي: ملك يسوق إلى المحشر، وملك يشهد بالأعمال التي كان قد سجلها في الحياة الدنيا على النفس.