موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس((ج) صفات النفس الشعورية)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس((ج) صفات النفس الشعورية)
235 0

الوصف

                                                               الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية: في النفس

                                                                  (ج) صفات النفس الشعورية
                                    الباب الثاني: الإنسان في دائرة الدلالات القرآنية >> الفصل الثاني: في النفس بوجه عام >>

(ج) صفات النفس الشعورية:

أولًا- الهوى:

أثبت القرآن أن النفس لها هوى، والهوى شعور يميل بها إلى ما تحب من مطالب وحاجات، أو متع ولذات وشهوات، أو عواطف وانفعالات، وقد يكون ما تهواه شرًا لها، أو أذى أو ضرًا، قال الله تعالى في سورة (النازعات 79):

(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)) .

وقال الله تعالى في معرض الكلام عن المشركين في سورة (النجم 53):

(إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)) .

وخاطب الله اليهود بقوله في سورة (البقرة 2):

(أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)) .

وتحدث عنهم بقوله في سورة (المادة 5):

(لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70)) .

ثانيًا- الشهوة:

وأثبت القرآن أن النفس لها شهوة بها تشتهي ما تستمتع به أو تلذه، ولذلك وصف الله أهل الجنة بقوله في سورة (الأنبياء 21):

(وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)) .

وخاطبهم بقوله في سورة (فصلت 41):

(وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)) .

ووصف الجنة بقوله في سورة (الزخرف 43):

(وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ ... (71)) .

ثالثًا- الحاجات والمطالب:

وأثبت القرآن أن للنفس حاجات ومطالب تسعى لقضائها، من ذلك ما ذكره الله تعالى في شأن يعقوب في سورة (يوسف 12):

(إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ... (68)) .

رابعًا- الشعور بالمشقات:

وأثبت القرآن أن النفس تشعر بالمشقات، ففي وصف ما خلق الله لنا من الأنعام ممتنًا به علينا قال تبارك وتعالى في سورة (النحل 16):

(وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7)) .

خامسًا- الصبر وضده:

وأثبت القرآن أن الصبر من الصفات التي قد تتصف بها النفس وإثبات هذا لها على سبيل الاحتمال يقتضي أنها قد لا تصبر، أي: فهي قد تضجر، ولذلك خاطب الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله له في سورة (الكهف 18):

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ... (28)) .

سادسًا- الجود وضده:

وأثبت القرآن أن الجود أو الشح وما بينهما من الصفات التي تتصف بها النفوس البشرية، ففي اتصاف الأنفس بالشح وأنه الغالب فيها، يقول الله تعالى في سورة (النساء 4):

(وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ ... (128)) .

وفي التوجيه للتخلص من شح النفوس، قال الله تعالى في سورتي (الحشر 59) و (التغابن 64):

(وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) (16)).

وفي طيب نفس الزوجات بشيء من مهورهن لأزواجهن، قال الله تعالى في سورة (النساء 4):

(فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)) .

وفي الحث على الإنفاق ابتغاء مرضاة الله، وتثبيتًا من الأنفس لصدق اليقين بالله والثقة به، والإخلاص له في العمل، وتثبيتًا من الأنفس لخلق الجود الذي يرضى الله عنه بممارسة العطاء في كل مجالٍ من مجالات الخير التي يبتغى بها مرضاة الله تعالى، قال الله عز وجل في سورة (البقرة 2):

(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)) .

سابعًا- الحسد وضده:

وأثبت القرآن أن الحسد من الصفات التي تتصف بها النفوس، وظاهر أن النفس إذا برئت من صفة الحسد اتصفت بضده، ففي بيان حال كثير من أهل الكتاب قال الله تعالى في سورة (البقرة 2):

(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ .... (109)) .

ثامنًا- الخوف وضده:

وأثبت القرآن أن الخوف من الصفات التي تتصف بها النفوس، وظاهر أن النفس إذا برئت من صفة الخوف اتصفت بضده، ففي وصف حالة موسى النفسية حينما قام سحرة فرعون بأعمالهم، فألقوا حبالهم وعصيهم، وخيل إليه من سحرهم أنها تسعى؛ قال الله تعالى في سورة (طه 20):

(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى (68)) .

تاسعًا- الكبر وضده:

وأثبت القرآن أن الكبر من الصفات التي تتصف بها النفوس، وظاهر أن النفس إذا برئت من صفة الكبر اتصفت بضده، ففي شأن المشركين الذي لا يؤمنون باليوم الآخر قال الله تعالى في سورة (الفرقان 25):

(وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)) .

عاشرًا- الضيق والحرج:

وأثبت القرآن أن الضيق والحرج من الصفات التي قد تتصف بها النفوس، وهذا يدل على أن ضد ذلك وهو الاتساع والانشراح من الصفات التي قد تتصف بها أيضًا، ففي ربط صدق الإيمان بتحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور القضائية التي اختلط أمرها، والتسليم التام لحكمه، قال الله تعالى في سورة (النساء 4):

(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)) .

وفي شأن الثلاثة الذين خلفوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك، قال الله تعالى في سورة (التوبة 9):

(وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)) .

حادي عشر- التأثر بالقول البليغ:

وأثبت القرآن أن النفوس قد تتأثر بالقول البليغ، فتستجيب للموعظة ودعوة الحق، ففي شأن طائفة من المنافقين قال الله تعالى في سورة (النساء 4):

(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا (63)).

ثاني عشر- مشاعر التحسر والندم:

وأثبت القرآن أن مشاعر التحسر والندم من الصفات التي قد تتصف بها النفوس، قال الله تعالى لرسوله في سورة (فاطر 35):

(فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)) .

والنفس الظالمة هي التي تتحسر يوم القيامة على ما فرطت في جنب الله، قال الله تعالى في سورة (الزمر 39):

(أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)) .

ثالث عشر- الإدراك إلى حد الاستيقان:

ودلت النصوص القرآنية على أن الإدراك العلمي على اختلاف مستوياته من الصفات التي تتصف بها النفس الإنسانية، ففي مستوى اليقين نجد أن القرآن قد تحدث عن الحالة النفسية لفرعون وقومه أمام الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام، فقال الله تعالى في سورة (النمل 27):

(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)) .

وفي مستوى الظن الباطل، نجد أن القرآن قد تحدث عما كان في نفوس طائفة من المنافقين، في غزوة أحد، من ظنون باطلة جاهلية دفعتهم إلى الهم، وإطلاق مقالات الكفر والردة، فقال الله تعالى في سورة (آل عمران 3):

(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِّنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ .... (154)) .

وبين هذين المستويين الأعلى والأدنى سائر المستويات الإدراكية.

معرفة طريق فجورها وطريق تقواها:

ومن الخصائص الإدراكية معرفة طريق الفجور وطريق التقوى، وقد منح الخالق النفوس الإنسانية القدرة على معرفة هذين الطريقين من طرق سلوك الإنسان في الحياة، طريق الفجور وطريق التقوى. فحينما تتجه النفس إلى سلوك طريق الفجور تتجه إليه وهي عارفة بأنه طريق شر، فهي بصيرة بما تعمل، وحينما تتجه إلى سلوك طريق التقوى، تتجه إليه وهي عارفة بأنه طريق خير، فهي بصيرة بما تعمل.

هذا ما دل عليه قول الله تعالى في سورة (الشمس 91):

(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)) .

وقول الله تعالى في سورة (القيامة 75):

(بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)) .

لذلك فهي تعلم يوم القيامة ما قدمت من عمل وما أخرت، قال الله تعا