موسوعةالأخلاق الإسلامية-وسائل اكتساب الأخلاق(خامسًا- سلطان الدولة الإسلامية)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-وسائل اكتساب الأخلاق(خامسًا- سلطان الدولة الإسلامية)
281 0

الوصف

                                                               وسائل اكتساب الأخلاق

                                                            خامسًا- سلطان الدولة الإسلامية
                           الباب الأول: مقدمات وأسس عامة >> الفصل الخامس: اكتساب الأخلاق ووسائله >> 6- وسائل اكتساب الأخلاق

خامسًا- سلطان الدولة الإسلامية:

وللسلطة المادية التي تمارسها الدولة الإسلامية، أثر فعال في إلزام الأفراد والجماعات، بالمنهج الأخلاقي الذي رسمه الإسلام للناس، وفي تربية نفوسهم وقلوبهم على الفضائل الأخلاقية.

ولذلك كان من مهمات الدولة الإسلامية ضبط انتظام الأفراد والجماعات في نظام الأخلاق الإسلامية، بما توليه من رقابة يقظة، وحراسة ساهرة، ومحاسبة للمنحرفين، وتشجيع للسابقين، وتوجيه وتربية، وبناء وصيانة.

ولذلك كان من مهمات الدولة الإسلامية وضع الأنظمة المختلفة، المرغبة بالتزام المنهج الأخلاقي الرباني، والرادعة عن مخالفته، واتخاذ مختلف الوسائل النافعة التوجيهية والتربوية لحماية الأخلاق وصيانتها.

وربما كان وازع السلطة الإدارية هذا أقوى وازع لإلزام الجماهير بسلوك السبيل الأقوم، وقد جاء في الأثر: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

أي: إن من الناس من لا يلتزمون بمنهج الحق لمجرد علمهم بأنه منهج حق، ولمجرد توجيه الترغيبات والإنذارات المؤجلة، بل لا بد لهم من سلطانٍ مادي يخافون بأسه ويرجون نفعه، وهو يلزمهم به طوعًا أو كرهًا.

وحينما تكون رقابة السلطة الإدارية رقابة يقظة، وحراستها حراسة حذرة، ووسائلها مجدية ونافعة، فإن شذوذ الأفراد والجماعات يقل إلى أدنى النسب الممكنة في الواقع الإنساني.

ومن الشواهد على هذه الحقيقة عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه كان عصر إدارة حازمة، ورقابة يقظة، وحراسة حذرة، ولذلك لم يسجل تاريخ هذا العهد من شذوذات الأفراد والجماعات إلا القليل النادر، الذي لا يخلو منه أي مجتمع إنساني مهما كان مجتمعًا مثاليًّا.

وعهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق كذلك، إلا أنه عهد لم يطل كما طال عهد الخليفة الثاني.

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلا العهدين عناصر مساعدة للخليفة، يؤازرونه في الرقابة والحراسة، ويمدونه بقوة الحزم والعزم، ويرشدونه إلى جوانب الإدارة الحكيمة والعدل في السلطان.

أما عصر الرسول فقد كان عصر بناء المجتمع الإسلامي الأول وفق قواعد الحكمة الربانية وتوجيهاتها، ووفق السياسة النبوية التي كان الوحي راعيًا لها ومرشدًا ومقومًا وممدًا.