موسوعةالأخلاق الإسلامية-اكتساب الأخلاق ووسائله(1- الأخلاق فطرية ومكتسبة)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-اكتساب الأخلاق ووسائله(1- الأخلاق فطرية ومكتسبة)
286 0

الوصف

                                                                اكتساب الأخلاق ووسائله

                                                            1 - الأخلاق فطرية ومكتسبة
                                      الباب الأول: مقدمات وأسس عامة >> الفصل الخامس: اكتساب الأخلاق ووسائله >>

1- الأخلاق فطرية ومكتسبة

حظوظ الناس من الطبائع النفسية التي فطروا عليها حظوظ متفاوتة؛ هذه حقيقة ملاحظة لدى كل من يتعامل مع الناس، وتكاد تكون من البدهيات. فالناس كما تتفاوت حظوظهم من الذكاء الفطري، وتتفاوت حظوظهم الجسدية قوة وضعفًا، وطولًا وقصرًا، وبدانة ونحولًا، وصحة وسقمًا، وجمالًا ودون ذلك، فإن حظوظهم من الطبائع النفسية الخلقية وغير الخلقية حظوظ متفاوتة بالفطرة.

إننا نجد مثلًا الخوف الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد الطمع الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد فريقًا من الناس مفطورًا على سرعة الغضب، بينما نجد فريقًا آخر مفطورًا على نسبة ما من الحلم والأناة وبطء الغضب، ونجد حب التملك الفطري عند بعض الناس أقوى منه عند بعض آخر.

هذه المتفاوتات نلاحظها حتى في الأطفال الصغار الذين لم تؤثر البيئة في تكوينهم النفسي بعد.

وقد جاء في أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ما يثبت هذا التفاوت الفطري في الطباع الخلقية وغيرها.

منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي:

إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء، والسريع الغضب سريع الفيء، والبطيء الغضب بطيء الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء.

ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

ومنها ما رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث والطيب.

وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

الناس معادن

دليل على فروق الهبات الفطرية الخلقية، وفيه يثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أن خيار الناس في التكوين الفطري هم أكرمهم خلقًا، وهذا التكوين الخلقي يرافق الإنسان ويصاحبه في كل أحواله. فإذا نظرنا إلى مجموعة من الناس غير متعلمة ولا مهذبة، أو في وسط مجتمع جاهلي، فإنه لا بد أن يمتاز في نظرنا من بينهم أحاسنهم أخلاقًا، فهم خيرهم معدنًا، وأفضلهم سلوكًا اجتماعيًّا، ثم إذا نقلنا هذه المجموعة كلها فعلمناها وهذبناها وأنقذناها من جاهليتها، ثم نظرنا إليها بعد ذلك نظرة عامة لنرى من هو أفضلهم، فلا بد أن يمتاز في نظرنا من بينهم من كان قد امتاز سابقًا؛ لأن العلم والتهذيب والإيمان تمد من كان ذا خلق حسن في أصل فطرته، فتزيده حسن خلق واستقامة سلوك وتزيده فضلًا، ثم إذا جاء الفقه في الدين كان ارتقاء هؤلاء فيما فضلوا به ارتقاء يجعلهم هم السابقين على من سواهم لا محالة، وبذلك تكون فروق النسبة لصالحهم فضلًا وكرمًا.

ومنها ما رواه الإمام أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم.