موسوعةالأخلاق الإسلامية-المسؤولية عن السلوك الأخلاقي(ما يسأل عنه الإنسان يوم الحساب)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-المسؤولية عن السلوك الأخلاقي(ما يسأل عنه الإنسان يوم الحساب)
359 0

الوصف

                                                      المسؤولية عن السلوك الأخلاقي

                                                  ما يسأل عنه الإنسان يوم الحساب
                                           الباب الأول: مقدمات وأسس عامة >> الفصل الرابع >>

(د) ما يسأل عنه الإنسان يوم الحساب:

دلت النصوص على أن الإنسان يسأل عن كل الأشياء التي جعل الله له سلطانًا عليها، أو قدرة على التصرف فيها ولو من وجه من الوجوه، أو قدرة تأثير بقول أو عمل أو تفكير.

ومسؤولية الإنسان في ذلك تنحصر في حدود استطاعته وقدرته على التصرف أو التأثير: فمن كان باستطاعته العمل والواجب الديني يلزمه بالعمل فهو مسؤول عنه، ومن كان باستطاعته القول والواجب يلزمه بالقول فهو مسؤول عنه، ومن كان باستطاعته إبداء الرأي والفكر والواجب يلزمه بذلك فهو مسؤول عنه. وهذه المسؤولية تلاحقه منذ يبدأ تكليفه حتى يوافيه أجله، ما لم يسقط التكليف لانعدام شرط من شروطه، وتزداد مسؤوليته كلما ازدادت منح الله له، وتنخفض مسؤوليته بمقدار انخفاض منح الله له.

فمن النصوص المبينة لمسؤولية الإنسان، قول الله تعالى في سورة (الإسراء 17):

(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36) ).

أي لا تتبع أيها الإنسان في أي أمر من أمورك في حياتك ما ليس لك به علم، إذ لديك من أدوات المعرفة ما تستطيع به التبصر في الأمور، فإذا اتبعت ما ليس لك به علم فقد عطلت أدوات المعرفة التي لديك. لذلك فلا بد أن تكون هذه الأدوات مسؤولة عن تأدية وظائفها الفطرية، أي لا بد أن تكون أنت المسؤول عنها أيها الإنسان؛ لأن هذه الأدوات جزء من كيانك.

ومن النصوص ما رواه الترمذي –وقال فيه: حديث حسن صحيح- عن نضلة بن عبيد الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن عمله فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟

فهذه الأربعة: العمر، والجسم، والعلم، والمال، طاقات وضعها الله تحت يد الإنسان يستطيع بها أن يفعل خيرًا وأن يترك شرًا، وأن يؤدي واجبًا، وأن يكف عن محرم، فهو يسأل عنها بمقدار ما وهبه الله منها، وعلى مقدار استطاعته العمل أو الكف عن العمل.

ومجال نشاط هذه الأربعة ما يحيط بالإنسان في هذه الدنيا، مما يستطيع التصرف فيه، أو تسخيره أو توجيهه، من أشياء وأحياء، مما هو داخل في ذاته أو هو خارج عن ذاته.

ومن النصوص ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته

فأبان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مسؤولية الرعاية المنوطة بكل راع، عظمت دائرة رعايته أو صغرت، ومسؤوليته تكون على مقدار دائرة رعايته ومقدار سلطته فيها.