موسوعة الأخلاق الإسلامية-مقدمات وأسس عامة (شمول الأخلاق)
الوصف
مقدمات وأسس عامة
شمول الأخلاق
دخول الأخلاق في كل القطاعات الإنسانية
لكل قطاع من القطاعات الإنسانية المختلفة الداخلية والخارجية أخلاق، للفكر أخلاق، وللاعتقاد أخلاق، وللقلب أخلاق، وللنفس أخلاق، وللسلوك الظاهر أخلاق.
1- فمن فضائل أخلاق الفكر تحري الحقيقة بإنصاف وتجرد وحياد، والصبر على التفكر والتدبر، والبحث عن كل نافع مفيد من الأفكار والمعارف والعلوم، والبعد عن سفاسف الأفكار وتوافهها، والاشتغال بتذكر كل صالح مفيد، ونسيان الأحداث المثيرة للأحقاد والضغائن أو الباعثة على الغضب والانفعالات غير الحسنة، وعدم التطلع إلى مثيرات الحسد، أو مثيرات الشهوات والأهواء المحرمة، إلى غير ذلك من فضائل.
ويقابل هذه الفضائل من فضائل أخلاق الفكر نقائص ورذائل يجب على الإنسان اجتنابها أو يحسن به اجتنابها؛ ليظفر بالارتقاء في سلم الكمال الخلقي في مجال أخلاق الفكر.
2- ومن فضائل أخلاق الاعتقاد أن لا يسمح الإنسان لنفسه بأن يتتبع الأوهام والظنون الضعيفة، فيحلها في مراكز عقائده الثابتة الراسخة، وأن لا يجعل مركز عقائده فريسة للتقليد الأعمى، والضلالات الشائعة، أو فريسة لما تمليه الأهواء والشهوات من أفكار ومذاهب، أو فريسة لما يمليه القادة المضلون والشياطين الموسوسون من الإنس والجن، إلى غير ذلك.
ويقابل هذه الفضائل من فضائل أخلاق الاعتقاد نقائص ورذائل يجب على الإنسان اجتنابها، أو يحسن به اجتنابها، ليظفر بالارتقاء في سلم الكمال الخلقي في مجال أخلاق الاعتقاد.
3- ومن فضائل أخلاق القلب حب الحق وحب الخير، وكراهية الباطل والشر، وعدم تحمل الأحقاد والضغائن، والشجاعة، إلى غير ذلك من أمور.
ويقابل فضائل أخلاق القلب نقائص ورذائل خلقية يطالب الإنسان باجتنابها والبعد عنها.
4- ومن فضائل أخلاق النفس الصبر والعفة، ومجانبة الحسد، والترفع عن سفاسف الأمور، والنظر إلى معاليها، وعلو الهمة، وجود النفس، وتسامحها وعفوها عن إساءة المسيء، إلى غير ذلك من أمور كثيرة.
5- أما فضائل أخلاق السلوك الظاهر فكثيرة، وهي في حقيقتها الصادقة تعبير عما في داخل الإنسان من أخلاق.
ويقابلها نقائص ورذائل خلقية يطالب الإنسان باجتنابها والبعد عنها.
وبهذا تبين لنا شمول الأخلاق الإسلامية لكل قطاع من القطاعات الإنسانية المختلفة الداخلية والخارجية.
تناول الأخلاق لجانبي السلوك الفردي والسلوك الاجتماعي:
والأخلاق تتناول جانب السلوك الفردي، وجانب السلوك الاجتماعي.
1- فمن الأخلاق التي تتناول جانب السلوك الفردي: القناعة الذاتية، والزهد المحمود، والأناة في العمل، وبعض حالات الصبر والإتقان والنظام والحزم والتفاءل.
2- ومن الأخلاق التي تتناول جانب السلوك الاجتماعي: الحلم، والصدق، والأمانة، والصبر على أذى الآخرين، والعفة، والتسامح، والعفو، وحب العطاء، والشجاعة، والتواضع، ولين الجانب، والوفاء.
وقاعدة الأخلاق الاجتماعية الكبرى تتلخص بأن يعامل الإنسان الآخرين بما يحب أن يعاملوه به، إنه يحب أن يعاملوه بالعفو إذا أساء فليكن عفوًا عن إساءاتهم، ويحب أن يكونوا معه أمناء فليكن معهم أمينًا، ويحب أن يصدقوه ولا يكذبوه فليصدقهم ولا يكذبهم، ويحب منهم العفة عن محارمه فليكن عفيفًا عن محارمهم، وهكذا.
ويكره منهم أضداد هذه الأمور فلا يعاملهم بما يكره أن يعاملوه به.
وقد أبان الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة للأخلاق الاجتماعية بقوله:
فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه
رواه مسلم عن ابن عمرو. انظر رياض الصالحين، رقم الحديث 666.
وقد بلغت الأخلاق الاجتماعية في الإسلام مبلغًا من الرقي العظيم، جعلها في مركز القمة، بما اشتملت عليه من تفصيلات موثقةٍ للروابط الاجتماعية بين الأفراد، ومؤثرةٍ تأثيرًا عميقًا في تغذية وحدة الجماعة الإسلامية، وتنمية روابط المودة والإخاء بين المسلمين.
وحسبنا أن نذكر في هذا المقام فضائل العفو، والإحسان، والتعاون، والتضحية والإيثار، وإكرام الضيف، وإكرام الجار، والتواضع، ولين الجانب، وحسن المعاشرة، والتزاور في الله وعيادة المرضى، والتهادي والقرض الحسن، ونحو ذلك.