موسوعة الأخلاق الإسلامية - تعريفات ( تعريف الأخلاق )
الوصف
موسوعة الأخلاق الإسلامية
تعريف الأخلاق
يقتضينا البحث أولًا أن نميز الأخلاق عن غيرها من الصفات الإنسانية، وأن نميز أنواع السلوك التي هي آثار خلقية عن أنواع السلوك التي ليست آثارًا خلقية؛ حتى نعرف موضوع البحث الذي نحن في صدده، فلا يختلط علينا ما ليس من قبيل الأخلاق بما هو منها، وما ليس سلوكًا أخلاقيًّا بما هو سلوك أخلاقي.
ولدى التأمل وإمعان النظر يتبين لنا أن الخلق صفة مستقرة في النفس –فطرية أو مكتسبة- ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة.
فالخلق منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، والإسلام يدعو إلى محمود الأخلاق، وينهى عن مذمومها.
ونستطيع أن نقيس مستوى الخلق النفسي عن طريق قياس آثاره في سلوك الإنسان: فالصفة الخلقية المستقرة في النفس إذا كانت حميدة كانت آثارها حميدة، وإذا كانت ذميمة كانت آثارها ذميمة، وعلى قدر قيمة الخلق في النفس تكون –بحسب العادة- آثاره في السلوك، إلا أن توجد أسباب معوقة أو صوارف صادة عن ظهور آثار الخلق في السلوك.
وليست كل الصفات المستقرة في النفس من قبيل الأخلاق، بل منها غرائز ودوافع لا صلة لها بالخلق، ولكن الذي يفصل الأخلاق ويميزها عن جنس هذه الصفات كون آثارها في السلوك قابلة للحمد أو للذم، فبذلك يتميز الخلق عن الغريزة ذات المطالب المكافئة لحاجات الإنسان الفطرية.
إن الغريزة المعتدلة ذات آثار في السلوك، إلا أن هذه الآثار ليست مما يحمد الإنسان أو يذم عليه.
فالأكل عند الجوع بدافع الغريزة ليس مما يحمد أو يذم في باب السلوك الأخلاقي؛ لكن الشره الزائد عن حاجات الغريزة العضوية أمر مذموم؛ لأنه أثر لخلق في النفس مذموم، هو الطمع المفرط، وعكس ذلك أثر لخلق في النفس محمود، هو القناعة.
والحذر من وقوع مكروه أثر من آثار غريزة حب البقاء، وليس محلًّا للمدح أو الذم في باب السلوك الأخلاقي؛ لكن الخوف الزائد عن حاجات هذه الغريزة أثرٌ لخلق في النفس مذموم، هو الجبن، أما الإقدام الذي لا يصل إلى حد التهور فهو أثر لخلق في النفس محمود، هو الشجاعة.
وهكذا سائر الغرائز والدوافع النفسية التي لا تدخل في باب الأخلاق، إنما يميزها عن الأخلاق كون آثارها في السلوك أمورًا طبيعية ليست مما تحمد إرادة الإنسان عليه أو تذم.