التعامل مع القرآن - مقاصد القرآن ( تصحيح العقائد والتصوارت )

التعامل مع القرآن - مقاصد القرآن ( تصحيح العقائد والتصوارت )
391 0

الوصف

مقاصد القرآن
 تصحيح العقائد والتصوارت
أ- إرساء دعائم التوحيد:

اعتبر القرآن الشرك أعظم جريمة يقترفها مخلوق: (إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَّشَاءُ) (النساء: 48) ، وذلك لما فيه من ظلم للحقيقة، وتزوير على الواقع، وانحطاط بالإنسان من مرتبة السيادة على الكون – كما أراد الله له- إلى مرتبة العبودية والخضوع للمخلوقات، سواء كانت جمادا، أم نباتا، أم حيوانا، أم إنسانا، أم غير ذلك. ولهذا قال الله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: 13) ، (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج: 30، 31)

ولأن الشرك وكر للأباطيل والخرافات دعا القرآن إلى عبادة الله وحده، وأعلن أن ذلك هو المبدأ الأول المشترك في رسالات النبيين جميعا، فكل نبي نادى قومه أن (اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (الأعراف: 59، 65، 73، 85 وهود: 50، 61، 84) ، وقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: 36) ، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)(الأنبياء: 25)

فتح القرآن الطريق بين الله وعباده، فلا مكان للسماسرة والوسطاء، الذين احتكروا العلاقة بين الله وخلقه، وأوهموا البشر أنه لا يمكن الوصول إلى الله إلا عن طريقهم، فباب الله مفتوح لكل من أراده، ويده مبسوطة بالخير لكل من دعاه، كما قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (البقرة: 186) ، (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر: 60)

إن دعوة التوحيد هي أساس الحرية الحقة، إذ لا حرية لمن يقدس بشرا أو يعبد حجرا.

وهي أساس الإخاء والمساواة، لأنها تقوم على اعتقاد أن الناس جميعا عباد الله، وأنهم أبناء أب واحد وأم واحدة، فهم إخوة بعضهم لبعض، وليس بعضهم أربابا لبعض. ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يختم دعوته إلى الملوك والأمراء من أهل الكتاب بهذه الآية الكريمة: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ) (آل عمران: 64)

إن القرآن الكريم من أوله إلى آخره دعوة إلى التوحيد، وإنكار على الشرك، وبيان لحسن عاقبة الموحدين في الدنيا والآخرة، وسوء عاقبة المشركين في الدارين.

وقد أصلح القرآن هنا ما أفسدته الديانات الوثنية والكتابية المحرفة من عقيدة التوحيد، حتى اليهودية جعلت الرب أشبه بالمخلوقين، فهو يتعب ويندم، ويخاف ويحسد، ويصارع إسرائيل فيصرعه إسرائيل، فلا يتمكن من الإفلات منه إلا بوعد منه بمباركة نسله، فأطلق سراحه!! والنصرانية تأثرت بوثنية روما، وطغت عليها الوثنية حتى امتلأت الكنائس بالصور والتماثيل، وأخذت عقيدة التثليث والصلب والفداء من عقيدة الهنود في (كرشنة) ، كل ما فعلوه أنهم حذفوا اسم كرشنة ووضعوا اسم (يسوع) !

ب- تصحيح العقيدة في النبوة والرسالة:

وذلك بعدة أساليب:

1- بيان الحاجة إلى النبوة والرسالة: (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء: 165) ، (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) (النحل: 64) ، (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (البقرة: 213)

2- بيان وظائف الرسل في التبشير والإنذار: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) (النساء: 165) ، فليس الرسل آلهة ولا أبناء آلهة، إنما هم بشر يوحى إليهم: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)(الكهف: 110) ، يملكون أن يدعوا إلى توحيد الله، ولكن لا يملكون هداية القلوب ولا السيطرة عليها: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ) (الغاشية: 21، 22)

3- تفنيد الشبهات التي أثارها الناس من قديم في وجه الرسل، كقولهم: (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) (إبراهيم: 10) ، وقولهم: (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَنْزَلَ مَلاَئِكَةً) (المؤمنون: 24) فقد رد عليهم القرآن بمثل قوله تعالى: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)(إبراهيم: 11) ، ومثل قوله: (قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولاً) (الإسراء: 95)

4- بيان عاقبة الذين صدقوا المرسلين وعاقبة الذين كذبوا المرسلين. وفي القرآن الكريم ثروة طائلة من قصص الرسل مع أممهم تنتهي دائما بهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين: (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا)(الفرقان: 37-39) ، (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)(يونس: 103)