التعامل مع القرآن - خصائص القرآن ( فلسفة الاخلاق فى القرآن )

التعامل مع القرآن - خصائص القرآن ( فلسفة الاخلاق فى القرآن )
440 0

الوصف

خصائص القرآن 
فلسفة الاخلاق فى القرآن

ومن أهم ما عني به القرآن: ما يتعلق بـ (فلسفة الأخلاق) ، أي ببيان أساس الإلزام الخلقي وأهداف الأخلاق في الإسلام وخصائصها، وأنواع الجزاء على السلوك الأخلاقي.

وعلى أساس هذه الفلسفة ألف شيخنا العلامة د. محمد عبد الله دراز كتابه القيم (دستور الأخلاق في القرآن) الذي كتبه باللغة الفرنسية للحصول على الدكتوراه من (السوربون) في فرنسا، ثم ترجم إلى العربية.

وقد بين القرآن أن أساس الإلزام هو أمر الله تعالى ونهيه، وما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال: 24) ، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر: 7) ، (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال: 1)

ولكن القرآن لم يلغ دور العقل، ولا الحاسة الخلقية، بل هي (نُورٌ عَلَى نُورٍ) (النور: 35) ، كما أشار إلى أن للمنفعة اعتبارا، كما في قوله: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)(الرعد: 17)

كما عني القرآن بباعث العمل أكثر من عنايته بصورة العمل: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)(البينة: 5)

واعتبر القلب هو محور النجاة والفلاح في الآخرة: (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء: 88، 89) ، وأما أهل الجنة فهم: (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ)(ق: 33)

وجعل القرآن لكل عمل جزاء في الدنيا والآخرة: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة: 7، 8)

وفي الدنيا يقول تعالى في جزاء العمل الصالح: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: 97)

وفي جزاء عمل السوء: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(الشورى: 30)

وأخلاق القرآن تتميز بعمومها، فليس فيها تمييز بين شعب وشعب، أو بين فئة وأخرى، كما حكى القرآن عن اليهود أنهم قالوا: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) (آل عمران: 75) ، وكما جاء في توراتهم تحريم التعامل بالربا بين الإسرائيليين بعضهم وبعض، وإباحته مع غيرهم، فالمعايير عندهم مزدوجة.

كما تتميز الأخلاق القرآنية بتوازنها، فهي تعطي العقل حقه، والقلب حقه، والجسم حقه، كما تعطي الفرد حقه، والمجتمع حقه- ولا تطغي أحدهما على الآخر، شعارها: (أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ )(الرحمن: 8، 9)