التعامل مع القرآن - خصائص القرآن ( كتاب معجز )
الوصف
خصائص القرآن
كتاب معجز
ومن خصائص القرآن: الإعجاز، فهو المعجزة الكبرى لمحمد صلى الله عليه وسلم، التي لم يَتَحَدَّ العرب بغيرها، برغم ما ظهر على يديه من معجزات لا تحصى.
شروط الإعجاز:
ولكي يتم الإعجاز ويتحقق التسليم به لا بد من توافر شروط ثلاثة في الأمر المعجز:
الأول: أن يوجد التحدي به، فهو الذي يدفع إلى المعارضة من الخصم، وبغير هذا لا يكترث أحد لدعواه، على خطورتها.
الثاني: أن يوجد المقتضي للمعارضة من الخصوم، كالدفاع عن معتقداتهم، وما ورثوه عن آبائهم، وما تواضعوا عليه من نظم حياتهم، وقواعد عباداتهم ومعاملاتهم، فمن جاء بدعوة تعارض هذا كله، وتسفه كل ما هم عليه، وترميهم بالضلال والغي، كان من الطبيعي أن توجد البواعث لمعارضته، وخصوصا عند تحديهم.
الثالث: أن تنتفي الموانع من معارضته، فلو ظهر إنسان يدعي النبوة في أستراليا مثلا، وادعى أن معجزته كتاب عربي أنزل عليه، وهو يتحدى بعضا من العرب أن يأتوا بمثله، ولم يتقدم أحد لمعارضته، لم يثبت الإعجاز بذلك، لوجود الموانع التي تمنع القادرين على المعارضة من مقابلة التحدي لبعد مكانهم منه.
وقد توافرت هذه الشروط الثلاثة في إعجاز القرآن.
فقد وجد التحدي بأبلغ صورة:تحداهم أولا أن يأتوا بقرآن مثله: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 34) ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13)
ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(يونس: 38)
وهذا كله في القرآن المكي، ومع هذا كله عجزوا عن المعارضة، وهم فرسان البيان، ورجال البلاغة والفصاحة، والقرآن يخلب ألبابهم، ويؤثر في عقولهم وقلوبهم، ولا يملكون إلا أن يقولوا: (لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26)
وأكد ذلك تجديد التحدي في العهد المدني، ففي سورة البقرة دعاهم إلى التوحيد، ثم قال: (وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ)(البقرة: 23، 24)
فهنا سجل عليهم أنهم لن يفعلوا، بهذه الصيغة المستقبلية. وفي هذا أقوى حافز لهم على المعارضة، لو كان لديهم ما يعارضون به، بل بذلوا الأنفس والأموال، وقاتلوا وقتلوا، ولم يستجيبوا للتحدي.
وبهذا غلبوا وانقطعوا، وحق عليهم قول الله تعالى:
(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)(الإسراء: 88)